تابع جديد المدونة عبر:

الثلاثاء، 1 يناير 2013

بحث حول تقييم محكمة العدل الدولية




جامعة الزقازيق
كلية الحقوق
الدراسات العليا
دبلوم القانون الدولى والعلاقات الدولية



تقييم محكمة العدل الدولية



بحث مقدم من قبل الباحث

شريف عبود محمد عبداللطيف

إلى الأستاذ الدكتور

سعيد سالم جويلى

أستاذ القانون الدولى العام
كلية الحقوق – جامعة الزقازيق





2010 - 2011




مقدمة

من المسلم به أن المجتمع الدولى ظل فترة غير قليلة من الزمن يهدف إلى قيام التنظيم الدولى وصولاً إلى ما يشبه المجتمع المحلى من حيث مركزية السلطة ، ومن ثم القضاء على ظاهرة الحرب ، وكان المجتمع الدولى على يقين من أنه بدون تحقيق هذا الأمر فلن يكون هناك سلاماً بين الدول ، ذلك أن الدول تختلف فى طموحاتها ومطامعها ، فبعض الدول يطمع فى ثروات البعض الأخر مما يستلزم قوة تردع من يطمع ، وتحمى الدول الأخرى التى تريد التعايش فى ظل السلام العالمى الذى يضمن لكل الدول على حد سواء إستقلالها وأمان مواطنيها .  
ومن ثم كان المجتمع الدولى يتطلع إلى ضرورة وجود قضاء دولى دائم يتم اللجوء إليه من أجل تسوية المنازعات الدولية بصورة سليمة ، ذلك كجزء من التنظيم الدولى المنشود الذى يهدف إليه عاشق للسلام . (1)
ولعل جهود الأمم قد تحولت إلى واقع نعيشه الاَن من خلال إنشاء تنظيم دولى يسمى الأمم المتحدة ، وذلك بعد محاولة عصبة الأمم والتى كانت شبه تجربة عملية للتنظيم الدولى الذى يهدف إلى عدم إستخدام القوة فى العلاقات الدولية بين الدول ، ويقوم على المساواة والتعاون الدولى .
 وتعتبر محكمة العدل الدولية أحد الأجهزة الرئيسية للأمم المتحدةالتى ورد النص عليها فى المادة (7/1) من ميثاق الأمم المتحدة ، وهى فى حقيقة الأمر تعد إستمراراً للمحكمة السابقة ( المحكمة الدائمة للعدل الدولى ) ، بل إن النظام الأساسى للمحكمتين يكاد يكون واحداً ، وقد اتخذت المحكمة الجديدة قصر السلام بلاهاى وهو نفس مقر المحكمة السابقة مقراً لها .(2) 
          وقد تأسست في 26 يونيو 1945 بموجب ميثاق الأمم المتحدة ، وبدأ العمل بها في عام 1946 عندما حلت المحكمة الدائمة للعدل الدولى الت أنشئت فى عام 1920 تحت رعاية عصبة الأمم   ، وهى من الأجهزة الرئيسية الستة للأمم المتحدة ، وهى الجهاز الرئيسى الوحيد الذى يوجد خارج  نيويورك (الولايات المتحدة الأمريكية) ، والأجهزة الرئيسية الخمسة الأخرى للأمم المتحدة هى الجمعية العامة ومجلس الأمن والمجلس الإقتصادى والإجتماعى ومجلس الوصاية والأمانة العامة.

وتتألف المحكمة من 15 قاضياً ويساعدهما قلم للمحكمة وهو جهازها الإدارى ، ولغتاها الرسميتان هما الإنجليزية والفرنسية .(3)

وتضطلع المحكمة بدور ثتائى يتمثل فى تسوية المنازعات القانونية التى تعرضها


 


(1)،(2)  أنظر    د/سعيد سالم جويلى(المنظمات الدولية)2009 ، ص150،151
(3)  أنظر                                                            www.icj-cij.org


عليها الدول وفقاً للقانون الدولى ، وإصدار الفتاوى بشأن المسائل القانونية التى تحيلها إليها
أجهزة ووكالات الأمم المتخدة المتخصصة المأذون لها بذلك .(1)

ولكن التساؤل يثور حول مدى قيام محكمة العدل الدولية كجهاز من أجهزة الأمم المتحدة بدورها فى منع اندلاع الحروب بين الدول ، بإعتبار أن منع إستخدام القوة المسلحة فى العلاقات الدولية هو هدف إنشاء التنظيم الدولى وصولاً إلى فكرة مركزية السلطة كما هو كائن فى التنظيم الداخلى ، وذلك قبل تناول تقييم دور المحكمة فى الإختصاص القضائى والإفتائى .

لذا سوف أتناول فى هذا البحث دور محكمة العدل الدولية وتقييم هذا الدور خلال السنوات الماضية منذ إنشاء المحكمة عام 1945 من خلال ثلاث مباحث هما كالأتى :-


المبحث الأول       :- دور محكمة العدل الدولية فى القضاء على ظاهرة الحرب  
المبحث الثانى      :- تقييم دور المحكمة فى الإختصاص القضائى
المبحث الثالث      :- تقييم دورالمحكمة فى الإختصاص الإفتائى
  



 (1)  أنظر                                                 www.icj-cij.org

المبحث الأول

دور محكمة العدل الدولية فى القضاء على ظاهرة الحرب  
         

يعد موضوع إستخدام القوة من قبل الأفراد داخل المجتمع من أكثر الموضوعات أهمية فى العلوم الإنسانية بصفة عامة ، وقد تصدت التظم القانونية الداخلية لهذا الموضوع منذ زمن طويل من خلال تنظيم قانونى يعتمد على إقامة سلطة مركزية تحتكر إستخدام القوة فى المجتمع .(1)

         أما بالنسبة للنظام القانونى الدولى فلم يصل بعد إلى درجة التقدم والتطور التى حققتها النظم القانونية الداخلية ، فعلى الرغم من وجود العديد من القواعد القانونية الدولية التى تحرم اللجوء إلى إستخدام القوة فى العلاقات الدولية ، إلا فى حالات محددة وفى أضيق نطاق نلاحظ أن حالات إستخدام القوة بصورة منفردة مازالت موجودة ومستمرة فى مجال العلاقات الدولية المعاصرة .(2)

           ففى ظل عصبة الأمم لم تكن الحرب محرمة فيما بين الدول فى علاقاتهم الدولية ، بل كانت مقننة بحالات منها على سبيل المثال ، حظر معاهدة لاهاى لعام 1907 إستخدام القوة من أجل إقتضاء الديون .

          ولم يعرف المجتمع الدولى أحكاماً قانونية تحرم لجوء الدول إلى القوة أو التهديد بها ، كذلك الحرب إلا منذ حديث نسبياً وبعد تطورعندما وضعت الحرب أوزارها (3) ، وقامت المنظمة العالمية للأمم المتحدة التى نصت فى ميثاقها فى المادة (2/4) على :-

" يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً فى علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة ، أو إستخدامها ضد سلامة الأراضى ، أو الأستقلال السياسى لأية دولة ، أو على أى وجه اَخر لا يفق ومقاصد الأمم المتحدة "

         ولما كان الهدف الأساسى من إنشاء منظمة الأمم المتحدة هو تحريم إستخدام القوة المسلحة فى العلاقات الدولية بين الدول وصولاً بذلك إلى القضاء على ظاهرة الحرب ، ويتبين لنا ذلك من خلال نص المادة (2/4) سالفة الذكر ، وكذلك ديباجة ميثاق الأمم المتحدة والتى جاء فيها :-
نحن شعوب الأمم المتحدة وقد آلينا على أنفسنا

" أن ننقذ الأجيال القادمة من ويلات الحرب التى فى خلال خلال جيل واحد جلبت على
الإنسانية مرتين أحزانا يعجز عنها الوصف "
ولما كانت محكمة العدل الدولية  جهاز من أجهزة الأمم المتحدة وتعنى بالهدف التى أنشئت
المنظمة من أجله ، كان ولابد أن يثور البحث حول دور المحكمة فى القضاء على الحرب من





(1)،(2)،(3)  أنظر    د/سعيد سالم جويلى(إستخدام القوة المسلحة فى القانون الدولى العام فى زمن السلم) ،1995 ، ص1،2،3

خلال  دور الأمم المتحدة فى القضاء علي هذه الظاهرة ، وكذلك دورها الخاص بحل
المنازعات الدولية وأثر أحكامها فى خضوع الدول إليه وتنفيذه مما يدل على إقتناع الدول فى عدالة المحكمة ودورها الرائد .


دور المحكمة إنطلاقاً من دور الأمم المتحدة فى القضاء على اللجوء إلى الحرب

لقد عرفت البشرية أنواع كثيرة من الحروب تختلف بحسب الزاوية التى ينظر إليها ، فقد تكون الحرب دولية ، وقد تكون غير دولية .
والحرب الدولية :-
 هى الحرب التي يكون كافة أطرافها من الدول ولا يشترك فيها إلا الدول ولا يكون أحد أطرافها كيان لا تتمتع بالشخصية القانونية الدولية أي ليست دولة.
أما الحرب غير الدولية :-
 هي التي يكون أحد أطرافها ليس دولة ويطلق عليها أيضا الحرب غير ذات الطابع الدولي ويمكن أن تنشب بين دولة ومجموعة من الثوار أفراد حركات التحرر الوطني وغالبة ما تكون بين دولة وإقليم يريد الانفصال عن الدولة الأم أو بين دولة الاحتلال وحكة تحرير وطني وهي تختلف عن الحرب الأهلية في وجود دولة طرف فيها وفي الهدف حيث يكون الهدف في النزاعات المسلحة غير الدولية يكون تكوين دولة جديدة.
وتختلف أنواع الحروب من حيث عدد الاطراف المتحاربين إلى نوعين :-

الأول :-


حرب بين دولتين أوأكثر بحيث لا تتعدى إقليم معين ، ويعد هذا النوع من أكثر الأنواع شيوعاً فى العالم ،على سبيل المثال حرب أكتوبر بين مصر والكيان الصهيونى لعام 1973 ، وحروب كثيرة شهدها العالم قبل وبعد إنشاء الأمم المتحدة .

الثانى :-

وهناك حروب عالمية تتعدى الحدود الإقليمية ولم يشهد العالم إلا حربين عالميتين هما الحرب العالمية الأولى والثانية ، وهناك أنواع كثيرة لا يتسع  هذا البحث لها .

ومن خلال ما سبق يتبين أن النوع الأول حدث قبل وفى ظل وجود منظمة الأمم المتحدة ولم تؤثر فى منع نشوب هذا النوع من الحروب .
أما النوع الثانى فلعل منظمة الأمم المتحدة تكون قد أثرت بشئ أو بأخر فى القضاء على  الظاهرة العالمية الأسوء فى العالم والتى أستطيع أن أقول أن منظمة الأمم المتحدة قد أنشئت على غرار مأساة الحرب العالمية الثانية ومن قبلها الحرب العالمية الاولى ، ولكن القضاء على الحروب العالمية قد لا ينسب إلى جهود منظمة الأمم المتحدة بشكل مباشر ، فقد يكون الوصول إلى فكرة مركزية السلطة كما فى النظم الداخلية قد أنهى حالة الفوضوية التى كان يعيشها المجتمع الدولى قبل إنشائها .
فقد كانت الدول فى ظل القانون الدولى التقليدى تبرر لمشروعية الحرب بنظريات مثال المساعدة الذاتية وحالة الضرورة  وغيرها ، ومما لاشك فيه أن ميثاق الأمم المتحدة بإنشائه قد حرم كل هذه النظريات والتبريرات التى لا أساس لها من الصحة إلا فى ذهن أصحابها على خلفية مطامع بعض الدول فى غيرها من الدول .


دور المحكمة بشأن الفصل فى المنازعات الدولية بين الدول 


منذ العام 1946 أصدرت محكمة العدل الدولية  (78) حكماً في نزاعات تتعلق ما بين الحدود البرية والحدود البحرية والسيادة الإقليمية وعدم استخدام القوة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والعلاقات الدبلوماسية والرهائن وحق اللجوء السياسي والجنسية والوصاية وحقوق المرور المائي والحقوق الاقتصادية.

        وتقول السيدة فلورانس سكرتيرة محكمة العدل الدولية :-  
" أستطيع أن أقول أنه عندما نقيم نشاط محكمة العدل الدولية منذ عام 1946 نجد أن 80% من القضايا تخص نزاعات مختلفة بين الدول ، أما ال20% الباقية فتتعلق بطلب المشورة القانونية من هيئات تابعة للأمم المتحدة فى القضايا القانونية "

        ومن ثم فإن وجود محكمة دولية تحكم بين الدول حتى ولو كانت سلطاتها ناقصة إلى حد ما بسبب الإنتقاص من مكنة المحكمة من فرض قضائها رغماً عن الدول وذلك بتدخل الدول العظمى فى النظام الأساسى بعدم تضمينه سلطة المحكمة فى القضاء الإجبارى ، ذلك أن المجتمع الدولى لم يكن يهدف من وراء المنظمة الدولية العالمية إلا الوصول إلى مركزية السلطة ، ولا وجود لهذه المركزية إلا من خلال قضاء إجبارى جازم لا يحابى ولا يجامل أحداً على حساب الأخرين كما هو العمل فى النظم القانونية الداخلية .

        أما فى ظل قضاء محكمة العدل الدولية الإختيارى للدول نجد أن عرض هذا العدد من القضايا بين الدول على المحكمة يعد نجاحاً للمحكمة طوال السنوات السابقة منذ نشأة المحكمة عام 1946

        مجمل القول أن المحكمة لم تستطع فى القضاء على ظاهرة الحرب مطلقاً ، إلا أنها قد تكون إنطلاقاً من دورها كجهاز من أجهزة الأمم المتحدة فى القضاء على الظاهرة التى أرقت الأمم وذاق مرارها العالم ألا وهى ظاهرة الحرب العالمية .

        ولعل الدور الكبير للمحكمة فى القضاء على الحرب يظهر فى إختصاصها القضائى بالفصل فى المنازعات الدولية بين الدول وذلك مع كون المحكمة مقيدة فى إختصاصها فى نظر الدعاوى إلا بإختيار الدول المتنازعة .




المبحث الثانى

تقييم دور المحكمة فى الإختصاص القضائى

لقد نظم النظام الأساسى لمحكمة العدل الدولية الإختصاص القضائى فى الفصل الثانى فى المواد من 34 إلى 38 ، حيث نصت الفقرة الأولى من المادة (34) على أنه :-  
للدول وحدها الحق في أن تكون أطرافاً في الدعاوى التي ترفع للمحكمة ""     
         ومن ثم لا يمكن للمؤسسات والشركات الخاصة والأفراد أن يرافعوا قضاياهم إلى المحكمة ، ولعل هذا الأمر تختلف فيه مع محكمة العدل الاوروبية وغيرها ، إلا أن الأمر يختلف من محكمة العدل الدولية والمحاكم الأخرى فى أن محكمة العدل الدولية محكمة عالمية للفصل فى النزاعات بين الدول فقط لا للكيانات الأخرى .

أما الفقرة الثانية من المادة (36) فتنص على أنه :-

  " للدول التى هى أطراف فى هذا النظام الأساسى أن تصرح فى أى وقت أنها بذات تصريحها هذا وبدون حاجة إلى إتفاق خاص تقر للمحكمة بولايتها الجبرية فى نظر جميع المنازعات القانونية التى تقوم بينها وبين دولة تقبل الإلتزام نفسه "

         وهذا النص سالف الإشارة  من أكثر مساوئ محكمة العدل الدولية والذى ينص على مبدأ  الولاية الإختيارية لها فى الفصل فى النزاعات الدولية بين الدول ، ولعل مبدأ الولاية الإختيارية كانت إرادة الدول الكبرى لعدم خضوعها للمحكمة إذا ما حدث خطأ منهم فى ولاية المحكمة فقرروا ذلك .
        وكذلك أن المحاكم الدولية الأخرى الموجودة الموضوعية ، مثل المحكمة الجنائية الدولية ، ليست تحت مظلة محكمة العدل الدولية ، وهذا بلا شك يقلل من سلطانها بمزاحمة محاكم أخرى للمحكمة الأم فى القضاء الدولى . ومن ثم كان ولابد أن تعمل المحكمة الجناائية الدولية تحت رقابة محكمة العدل الدولية .
       وكذلك فإن من عيوب المحكمة عدم الفصل الكامل بين السلطات ، فالمحكمة لا تعمل بإستقلال بل هناك تداخل من الأجهزة الأخرى للأمم المتحدة ، ويأتى فى مقدمتها مجلس الأمن .
       ومن ثم يتبين لنا أن المحكمة غير قادرة على التجاوب مع الواقع الذى يعيشه المجتمع الدولى ، وذلك لأن سلطاتها مرتبطة بإرادة الدول وحدها ، بل لو أن طرفاً يريد رفع النزاع إلى المحكمة والأخر يرفض لا ينعقد الإختصاص للمحكمة ، فتظهر المحكمة وأنها تساعد العدوان وتقف وراء الظلم ولا تحكم بما يدل على أسمها كمحكمة للعدل الدولى .




المبحث الثالث

تقييم دورالمحكمة فى الإختصاص الإفتائى


          نظم النظام الأساسى لمحكمة العدل الدولية الإختصاص الإفتائى فى الفصل الرابع فى المواد من 65 إلى 68 حيث نصت المادة الفقرة الأولى من المادة (65) على أنه :-

" للمحكمة أن تفتى فى أى مسألة قانونية بناء على طلب أى هيئة رخص لها ميثاق الأمم المتحدة بإستفتائها أو حصل الترخيص لها بذلك بموجب المسثاق المذكور "
ولكن المشكلة تكمن فى أن النظام الأساسى للمحكمة لم يرد به أى نصوص بشأن حجية الفتوى التى تصدرها محكمة العدل الدولية.
          فلم يهتم ميثاق الامم المتحدة او النظام الاساسي ومن قبلهما ميثاق عصبة الامم والنظام الاساسي للمحكمة الدائمة للعدل الدولي بموضوع القيمة القانونية للفتوى التي تصدرها محكمة العدل الدولية او المحكمة الدائمة للعدل الدولي ولم يرد فى هذا الشأن سوى ما ورد فى المادة 59 من النظام الاساسي لمحكمة العدل الدولية والتى جرى نصها على انه :

" لا يكون للحكم قوة الإلزام إلا بالنسبة لمن صدر بينهم وفى خصوص النزاع الذي فصل منه "

          إلا أن المادة 59 من النظام الاساسي قد تحدثت عن " مدى الالتزام بالأحكام الصادرة عن محكمة العدل الدولية لا الفتاوى " .

          بينما نجد الفقة الدولي قد انقسم بين مؤيد ومعارض فيما يتعلق بمدى التزام الدول المعنية بموضوع الفتوى وكذلك التزام الجهة التي طلبت الفتوى، ويمكننا القول بوجود اتجاهين رئيسين فى هذه الخصوص
         اولهما :- يري بعدم تمتع الفتاوى بايه قيمة قانونية ملزمة وانها لا تعدو سوي رايا استشاريا غير ملزم .
         اما الاتجاه الثاني :- فيري ان الفتاوى التى تصدرها محكمة العدل الدولية تتساوى مع الأحكام من حيث قيمتها القانونية الملزمة وان الاختلافات التى بين الفتاوى والأحكام ما هى الا اختلافات شكلية فقط.(1)

          ويرى الدكتور أحمد الرشيدي ان الفتوى باعتبارها عمل قضائي  لها حجية ، على ان هذه الحجية ليس بالضرورة تتمثائل مع القيمة القانونية او الحجة التى يتمتع بها الحكم الصادر






(1) أنظر  د/أحمد الرشيدى(القضاء والتحكيم الدولى ) ، ص154 ، مشار إليه الأستاذ أحمد راغب المحامى www.mohamoon.com
(2)أنظر  د/أحمد الرشيدى(القضاء والتحكيم الدولى ) ، ص154 ومابعدها ، مشار إليه الأستاذ أحمد راغب المحامى www.mohamoon.com
عن محكمة العدل الدولية وذلك لان قيمة القرار ليس فى الجانب الالزامي فقط بل قيمته فى ان
هذه القرار ينتج اثر قانوني معين،والواقع انه على الرغم من القصور الذي شاب ميثاق الامم
المتحدة والنظام الاساسي لمحكمة العدل الدولية ومن قبلهما ميثاق عصبة الامم وكذلك النظام
الاساسي للمحكمة الدائمة ،حينما تجاهلوا حسم مسألة القيمة القانونية للفتوى ، الا ان الواقع العملي والسوابق القضائية لمحكمة العدل الدولية ومن قبلها المحكمة الدائمة والأجهزة المعنية يؤكد على حجية هذه الفتاوى واحترامها على الرغم من معارضة الدول المعنية بالفتوى أحيانا.

ومن ثم نجد أن الإختصاص الإفتائى لمحكمة العدل الدولية به من الخلل بحيث يكون الإفتاء منعدماً ، وذلك لأن حجيته غير معلومة ومتروكة للسوابق الدولية .

الخاتمة


من خلال ما سبق تم بحث تقييم محكمة العدل الدولية من خلال محور ثلاث هى دورها فى القضاء على ظاهرة الحرب انطلاقاً من من كونها جهاز من أجهزة الأمم المتحدة ، ودورها الرئيسى فى الفصل فى المنازعات الدولية ، ثم الإختصاصين القضائى والإفتائى للمحكمة .

ولعل ما ظهر أن المحكمة كان لها دور فى القضاء على ظاهرة الحرب العالمية ، حيث لم تحدث حرب أخرى بعد قيام الأمم المتحدة ، إلا أن هذا قد يكون مرجعه أن المجتمع الدولى وصل إلى مرحلة متقدمة من التنظيم ولاسيما فكرة مركزية السلطة المعروفة فى التنظيم الداخلى للدول من خلال إحتكار إستخدام القوة وعد جواز ذلك للأفراد إلا فى حالة الدفاع الشرعى .

أما بخصوص الحروب غير العالمية فهذه الظاهرة لم تستطع المحكمة كجهاز من أجهزة الأمم المتحدة أن تقوم بالقضاء عليها ، إلا أنها قلت عما فى السابق قبل ميثاق الأمم المتحدة .

وفى الإختصاص القضائى للمحكمة يتبين أن مبدأ الولاية الإختيارية التى أخذت به المحكمة قد عطلت الهدف الذى أنشئت من أجله ، وذلك رضوخاً لأرادة الدول التى لا تريد أن تقع تحت ولاية المحكمة الأجبارية .

وأنا أرى أن دور المحكمة جدير بالذكر فى ظل هذه القيود التى تواجهها فى إقامة السلام العالمى من خلال الفصل فى المنازعات الدولية بإستقلالية وحيادية على الأقل فيما عرض عليها من منازعات .

أما بالنسبة للإختصاص الإفتائى للمحكمة فهو مجرد رأياً إستشارياً إسترشادياً من قبل أجهزة المحكمة ، ولعل بعض القرارات التى تم إتخاذها من قبل المنظمة العالمية قد تم بناءاً على فتوى للمحكمة .

إلا أن النظام الأساسى للمحكمة لم يرد به أية نصوص بخصوص حجية الفتوى وهذا يعد من عيوبه التى يجب أن يتم تداركها .

0 التعليقات:

إرسال تعليق