تابع جديد المدونة عبر:

الاثنين، 31 ديسمبر 2012

عدم مشروعية التدخل الإيرانى فى الشئون الداخلية للدول العربية





جامعة الزقازيق
كلية الحقوق
  الدراسات العليا
  دبلوم القانون الدولى والعلاقات الدولية



عدم مشروعية التدخل فى الشئون الداخلية للدول
 العربية

( دراسة تطبيقية لتدخل إيران فى بعض الدول العربية )


بحث مقدم من قبل الباحث

شريف عبود محمد عبداللطيف

إلى الأستاذ الدكتور

سعيد سالم جويلى
أستاذ القانون الدولى العام
كلية الحقوق – جامعة الزقازيق


2010 - 2011


خطة البحث :

مقدمة :-

الفصل الأول

مبدأ عدم التدخل فى القانون الدولى العام


المبحث الأول   : مفهوم التدخل وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول

المبحث الثانى  : عدم مشروعية التدخل فى الشئون الداخلية للدول


الفصل الثانى

دراسة تطبيقية لتدخل إيران فى الشئون الداخلية لبعض الدول العربية


المبحث الأول   : أسباب وأشكال تدخل إيران فى الشئون الداخلية للدول   

العربية

المبحث الثانى  : عدم مشروعية تدخل إيران فى الشئون الداخلية للدول

العربية

خاتمة :-
مراجع البحث :- 

 مقدمة

              إن ما يدور فى المنطقة العربية من تدخلات شائنة من قبل دولة إيران ، يحتاج من الباحث أن يبين أسباب هذا التدخل وأهدافه من خلال البحث فى العلاقات العربية – الإيرانية قديماً وحديثاً ، ذلك أن أى تدخل يتطلب وجود أسباب تدفع دولة ما للتدخل فى شئون غيرها من الدول ، فليس هناك تدخل بدون أهداف تدفعه وأسباب يقوم عليها ، ومن الطبيعى أن يكون هناك تدخل بين الدول وبعضها ، وذلك فى ظل عالم تتعارض فيه مصالح الدول وتلتزم كل دولة بتوفير حاجات غير متناهية فى ظل موارد محدودة من القدرات تتناقص تدريجياً بمرور الزمن .

              وللتدخل الدولى درجات تتزايد مع انتقاص سيادة الدول ، ولاسيما فى ظل الإحتلال حيث لا وجود للشخصية الدولية ، وتقل مع إكتمال سيادة الدول ، ولكن لابد من وجود تدخل فى العلاقات الدولية والتى يحكمها حكم القوى للضعيف ، ذلك أن الدول تنقسم إلى دول متقدمة ، ودول نامية ، ونتيجة هذه الفجوة بين إمكانيات الدول وقدراتها يحدث التدخل الدولى .

              إلا أن كل ما سبق لا ينطبق على الحالة محل البحث ( تدخل إيران فى الشئون الداخلية للدول العربية ) ، ذلك أن إيران تصنف فى نفس المستوى الحضارى والتقدمى مع الدول العربية ، مع التسليم بوجود تدخلات من قبل الدول النامية وبعضها لنفس علة المصالح المادية ، إلا أن تدخل إيران تدخل له صبغة خاصة ، نظراً لإختلاطه بين أساسين هما الأساس الدينى والعرقى وتداخلهما معاً .

              ومع التسليم بإن التدخل الإيرانى يهدف إلى تحقيق مصالح مادية ، إلا أنها ليست الدافع الأساسى من وراء التدخل ، وإنما يجد التدخل أساسه فى إختلاف العقيدة الدينية لإيران عن الدول العربية ، فمعظم العرب ( الشعب – القيادة السياسية ) يؤمنون بمذهب أهل السنة والجماعة ، والذى يخالف إعتقاد معظم الإيرانيين ( الشعب – القيادة السياسية ) الذين يؤمنون بالمذهب الشيعى ، ذلك الذى يتميز بالعداء لمذهب أهل السنة منذ زمن بعيد .

              ومع ذلك إلا أن إيران تستخدم الإختلاف الدينى لصالح تحقيق أهدافها الحقيقة وهو الوصول إلى تفريس الدول العربية ، أو على الأقل الخليج العربى الذى يعتبر محور أطماعها فى المنطقة العربية ، وذلك لما تتميز به تلك المنطقة من ثروات ، وأولى خطواتها فى ملف التفريس ما أقدمت عليه من تغيير أسم الخليج العربى إلى ( الخليج الفارسى ) .

              ومن خلال ما سبق ينقسم البحث إلى فصلين ، الأول يتعلق ببيان عدم مشروعية التدخل ، والثانى يتعلق بدراسة تطبيقية لتدخل إيران فى الشئون الداخلية للدول العربية ، وتفصيل خطة البحث كما يلى :-


الفصل الأول

مبدأ عدم التدخل فى القانون الدولى العام

المبحث الأول   : مفهوم التدخل وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول

المبحث الثانى  : عدم مشروعية التدخل فى الشئون الداخلية للدول


الفصل الثانى

دراسة تطبيقية لتدخل إيران فى الشئون الداخلية لبعض الدول العربية

المبحث الأول   : أسباب وأشكال تدخل إيران فى الشئون الداخلية للدول العربية

المبحث الثانى  : عدم مشروعية تدخل إيران فى الشئون الداخلية للدول العربية


الفصل الأول

مبدأ عدم التدخل فى القانون الدولى العام


من المسلم به أن التدخل الدولى ظهر منذ قرون بعيدة نتاج تضارب المصالح وتفاوت الدول فى الإمكانيات ، فهناك دول متقدمة ، وأخرى نامية تكون محور أطماع الدول المتقدمة فى ظل موارد محدودة ، وحاجات غير محدودة ، مما يجعل التدخل الدولى حاجة ملحة للدول المتقدمة لتوفير هذه الحاجات وإستمرار التقدم والرقى على حساب الدول النامية .

والتدخل الدولى من حيث المشروعية وعدم المشروعية يمر بمرحلتين ، الأولى مرحلة القانون الدولى التقليدى ، والأخرى مرحلة القانون الدولى المعاصر ،وفى ظل مرحلة القانون الدولى التقليدى كان التدخل أمراً مشروعاً ، ذلك كما كانت فكرة الحرب لها نظريات فقهية تؤيدها ، ذلك الأمر حيث لم يكن التنظيم الدولى قائم .

إلا أنه بقيام منظمة الأمم المتحدة عام 1945 ، بدأ عصر التنظيم الدولى الذى يحقق فكرة مركزية السلطة لمحاولة الوصول إلى التنظيم القانونى فى المجتمعات الداخلية ، وكان هناك محاولة قبل قيام منظمة الأمم المتحدة متمثلة فى منظمة عصبة الأمم للعام 1920 وتم حلها بعد أن فشلت فى تحقيق الهدف المنشود منها وهو مركزية السلطة ، وقامت الحرب العالمية الثانية.

ويتأرخ مبدأ عدم مشروعية التدخل فى الشئون الداخلية للدول  بصدور ميثاق الأمم المتحدة للعام 1948 ، فلقد نصت المادة (2/7) من الميثاق على عدم جواز التدخل الدولى فى الشئون الداخلية بين الدول وبعضها ، وبين الدول ومنظمة الأمم المتحدة  ، ذلك أن التدخل يقيد حق مطلق للدولة وهو السيادة التى تتمتع به كل الدول المستقلة .

ولقد تضمنت مبادئ الأمم المتحدة التى أطلقتها عند نشأتها على حظر التدخل الدولى  حيث نصت على  :-
    
         " مبدأ عدم تدخل الأمم المتحدة فى الشئون الداخلية للدول الأعضاء فيها ".

ومع قيام منظمة الأمم المتحدة إلا أنه لم يتوقف التدخل لإستحالة القضاء على أسبابه والتى تتمثل فى تضارب المصالح ، وتفاوت القوى ، وحاجات الدول الغير متناهية  والموارد المحدودة .

من خلال ما سبق ينقسم الفصل الأول إلى مبحثين هما :-

المبحث الأول   : مفهوم التدخل وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول

المبحث الثانى  : عدم مشروعية التدخل فى الشئون الداخلية للدول


المبحث الأول

مفهوم التدخل وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول

تمهيد :

يعد التدخل فى شئون الغير واقعة قديمة وجدت بوجود الصراعات والمنازعات بين الافراد والقبائل ، ومع تطور المجتمعات عبر المراحل التاريخية المختلفه ، تطور مفهوم التدخل ليتخذ شكل تدخل بعض الدول فى شئون البعض الأخر ، الأمر الذى أدى إلى ظهور مبدأ عدم التدخل كمبدأ مناقض لمبدأ التدخل(1).

ويرجع ظهور مبدأ عدم التدخل فى شئون الدول أن أغلب النظم السياسية التي كانت سائدة في أوربا ، حتى منتصف القرن السادس عشر، كانت نظماً ملكية ، لكن نجاح الثورة الفرنسية عام 1789 وإتيانها بنظام سياسي جديد إلى أوربا ، أدى إلى إنتشار الخوف من اهتزاز عروش الملوك ، مما أدى إلى تهديدات بالتدخل في الشؤون الفرنسية الداخلية والخارجية من طرف الدول الأوربية (2) ، رداً على إعلان الثورة في استعدادها لتلبية نداء الشعوب في الإطاحة بنظمها الملكية . وقد نص الدستور الفرنسي لعام 1793 ، على أنه يمتنع الشعب الفرنسي عن التدخل في شؤون حكومة دولة أخرى ، ولا يقبل أن تتدخل الحكومات الأخرى في شؤونها الداخلية . وهكذا كان مبدأ عدم التدخل في ـ أصله ـ يرجع إلى الثورة الفرنسية. وقد أخذت أمريكا بمبدأ عدم التدخل بدءاً من رسالة الوداع التي وجهها رئيس جمهورية الولايات المتحدة الأمريكية جورج واشنطن إلى شعوب أمريكا ، بمناسبة إنتهاء رئاسته ، والتي جاء فيها :

"لاتتدخلوا في الشؤون الأوربية ، وحاذروا من أن تنساقوا إلى الإشتراك في المنازعات بين دول أوربا. إبقوا بعيدين ، ولا يكن لكم مع دول أوربا غير علائق تجارية دون إرتباطات سياسية. وإذا اشتبكت هذه الدول في حرب بينها فأتركوها وشأنها ، وحاولوا الإستفادة من حرب الغير، لتوسعوا نطاق تجارتكم "(3).

لكن الأحداث المتسارعة في أمريكا الجنوبية التي كانت خاضعة للإستعمار الإسباني ، جعلت من الرئيس الأمريكي حينذاك جيمس مونرو، أن يقف بحزم في وجه التدخل الأوربي ، في شؤون القارة الامريكية ، وقد حاولت الدول الأوربية التي كانت منظمة في الحلف المقدس (4) ، لاسترداد المستعمرات الإسبانية إلى اسبانيا ، بعد أن قامت الثورات في تلك  المستعمرات ابتداءً من عام 1823، وأعلنت استقلالها من اسبانيا ، فوجه جيمس مونرو رسالته الشهيرة إلى الكونغرس الأمريكي في واشنطن في 2 ديسمبر سنة 1823 ملخصاً فيها السياسة الأمريكية




(4) يقول الدكتورعلي صادق أبوهيف في مرجعه السابق ص48 :
"إن التحالف المقدس تم باجتماع قيصرروسيا، وملك النمسا، وملك بروسيا بموافقة انكلترا في سبتمبر عام 1815، وعقدوا فيما بينهم ما يسمى بالتحالف المقدس ، غرضه الظاهر تطبيق مبادئ الأخلاق المسيحية في إدارة شؤون الدول الداخلية، والخارجية ، وغرضه الحقيقي ضمان بقاء الحالة التي أقرها مؤتمر فيينا، والعمل على قمع الثورات التي تهدد عروش البيوت المالكة" .


تجاه الدول الأوربية جاء فيها : " إن القارة الأمريكية قد وصلت إلى درجة من الحرية والإستقلال ، لا يصح معها إحتلال أي جرء من أراضيها، من قبل إحدى الدول الاوربية"(5).

وعلى الرغم من الترحيب الذي لاقاه تصريح مونرو في البداية ، من دول القارة الأمريكية ، أبدى الكثير من تلك الدول مخاوفها نتيجة التدخل الأمريكي في شؤونها ، رغم إقرارها لمبدأ عدم التدخل ، وفي هذا السياق جاء طلب الأرجنتين ، في مؤتمرهافانا عام 1928 صراحة ، عن وقف التدخل الأمريكي في شؤون دول القارة (6).
وقد تضمن تصريح مونروعلى المبادئ الأتية :

أ ـ مبدأ عدم شرعية الإستعمار.
ب ـ ومبدأ عدم التدخل.
ج ـ ومبدأ الإنعزال.

 وقد تباينت مواقف الدول المختلفة إزاء المبادئ التي جاءت في تصريح مونرو، فقد أعلنت بعض الدول من القارة الأمريكية ، إعتراضها كالأرجنتين . لكن بعض الدول الأوربية ، لم تبد تعارضها لعدم إعتبارها تصريح مونرو ، قاعدة جديدة من قواعد القانون الدولي ، فقد سبق أن نادت به فرنسا بعد ثورتها ، أما الدول المعارضة من القارة الأوربية ، فكانت كل من روسيا وبروسيا وإسبانيا والنمسا، كونها يعتمدون سياسة التوسع من ناحية ، ومواجهة الأفكار الليبرالية من ناحية ثانية.  لكن أمريكا نفسها لم تستطع مواجهة التدخلات بالقوة عندما قامت بريطانيا بالإستيلاء على جزر فوكلاند ، وصراع فرنسا مع الأرجنتين ، حول منطقة لابلاتا ، وقيام فرنسا بحملة على المكسيك من عام 1861-1867 (7).

وقد ميزت أمريكا بين التدخلات المشروعة نتيجة إنتهاك المبادئ العامة للقانون الدولي ، والتدخلات غير المشروعة  . لذلك اعتبرت أمريكا إن التدخل في المكسيك عام 1860 بسبب رفضها تقديم تعويضات لفرنسا ، وبريطانيا ، وإسبانيا ، وفي هاييتي عام 1872 من أجل إجبارها على إصلاح الأضرارالتي لحقت بألمانيا ، و بفنزويلا عام 1902 بسبب رفضها تعويض الأجانب المقيمين فيهاعن الأضرارالتي لحقت بهم خلال الثورة الداخلية في فنزويلا ، في نهاية القرن التاسع عشرأمراً مشروعاً (8).

وقد نزلت أمريكاعند رغبة كل من بريطانيا ، وفرنسا خلال الحرب العالمية الأولى ، عند شكواهما على كل من كولومبيا والأكوادور بسبب خروجهما على قواعد الحياد ، والسماح لألمانيا بإقامة منشآت عسكرية على أراضيهما ، فكان رد أمريكا على الشكوى هو :" إنها لا ترى مانعاً من أن تقوم الدول الشاكية بإنزال بعض قواتهما على أرض الدولتين المشكو منهما ، لإتلاف منشآت العدو بشرط أن لا يؤدي هذا إلى إحتلال دائم" .  ويعد هذا الموقف ترجمة للسياسة الأمريكية التي أعلن عنها رئيسها روزفلت ، في خطابه  في 3 ديسمبر 1901 الذي جاء فيه : "لانضمن حماية أية دولة ، إذا تصرفت بسوء ، ولكن لا يجب أن يأخذ العقاب شكل إحتلال للإقليم من طرف قوة غيرأمريكية في أمريكا" (9).

أما بالنسبة للتدخلات التي تعتبرها أمريكا غير شرعية فهي التدخلات التي تحدث لتغييرالأنظمة السياسية ، كما حدث في المكسيك ، عندما دخلتها الجيوش الفرنسية لإسقاط النظام الجمهوري المؤسس من قبل الشعب (10).


المطلب الأول

التطور التاريخى للتدخل وعدم التدخل


ترجع الأصول التاريخية للتدخل الدولى إلى العصر اليونانى ، حيث كانت المدن اليونانية تتدخل فى شئون البعض بغرض المحافظه على التوازن ، ومثال ذلكتدخل إسبارتا فى شئون أثينا وهو التدخل الذى أدى إلى حرب البلبونيز ، كما دأبت روما على التدخل فى شئون الدول المجاورة لها بغية بسط نفوذها وسيطرتها على تلك الدول ، وفى العصور الوسطى كان التدخل نتيجة لازمة لنظام الإقطاعيات ، وكان البابا والإمبراطور يتدخلان فى شئون الدول الواقعة تحت سيطرتها ، والملوك يتدخلون فى شئون الأمراء التابعين لهم (11).

وفى العصر الحديث ، تدخلت روسيا فى شئون دول أوروبا الشرقية ودول البلقان لتضمن قيام حكومات موالية لها فى تلك الدول ، وتدخلت بريطانيا فى اليونان لتمنع تغيير نظام الحكم فيها ، وفى أندونيسيا لتحول دون إستقلالها عن هولندا ، وتدخلت الولايات المتحدة الأمريكية فى شئون كثير من دول أمريكا اللاتينية ، ثم فى شئون فلسطين لمناصرة اليهود إضراراً بحقوق العرب أصحاب البلاد الأصليين (12).

ومن ثم فقد كان التدخل مشروعاً ، حيث كان فقه القانون الدولى يلجأ إلى إضفاء الشرعية القانونية على سلوك الدول الذى ينطوى على إستخدام القوة المسلحة من خلال نظريات قانونية وأحيانا سياسية والتى كان من أهمها :-
" نظرية المصالح الحيوية ، ونظرية الحقوق الأساسية للدول ، والحق فى مساعدة الذات أو الحماية الذاتية ، وحالة الضرورة ، والحق فى التدخل (موضوع البحث) (13) ، وغيرها من أفكار كانت تبرر للإستخدام القوة المسلحة فى العلاقات الدولية .

ويلاحظ أن التطور التاريخى للتدخل الدولى يتأرخ بتاريخ التطور الذى مرت به فكرة إستخدام القوة المسلحة فى القانون الدولى فى ظل القانون الدولى التقليدى والمعاصر.

حيث كان القانون الدولى التقليدى إلى عهد غير بعيد ينظر إلى إستخدام القوة بإعتبارها وسيلة مشروعة من وسائل تسوية المنازعات الدولية ، إذا ما أختارها أطراف النزاع ، دون ما تعقيب عليها من حيث مشروعيتها ، فكلمة حرب فى ظل هذا القانون ، لم تكن مجرد ظاهرة إجتماعية وسياسية ، بل كانت قبل كل شئ فكر قانونية تعكس حالة من حالات العلاقات الدولية ، تترتب عليها حقوق وإلتزامات بالنسبة للمشتركين فيها ، فالحرب نفسها كانت حقاً مرتبطاً بالسيادة .. ، ومن ثم كانت الإتفاقيات الدولية تهدف فقط إلى تنظيم الحرب وليس إلى منعها(14).   

ومع بداية القرن العشرين ، ظهرت فى الأفق ملامح تستهدف الحد من إستخدام القوة المسلحة أو اللجوء إلى الحرب فى العلاقات الدولية (15) ، وعندما تعاظمت الأخطار المحيطة بإستخدام القوة  وإنتشار الحروب ، توافر لدى المجتمع الدولى فى منتصف هذا القرن إعتقاد قوى بضرورة نبذ الحروب والعنف وإستخدام القوة المسلحة كوسيلة لتسوية المنازعات الدولية .... ، ذلك لأنها أصبحت تعرض الجنس البشرى للفناء والدمار .... ، وقد عبرت الدول عن مشاعرها ولأول مرة فى تاريخ العلاقات الدولية بصورة صريحة فى المادة (2/4) من ميثاق الأمم المتحدة لسنة 1945 (16).

ومن ثم يتضح أن مبدأ التدخل كان مشروعاً فى العلاقات الدولية وذلك فى إطار جملة من الأفكار ، كانت هذه الأفكار اَنذاك تمثل الشرعية فى المجتمع الدولى ، إلا أنه بصدور ميثاق الأمم المتحدة عام 1945 تغير وجه الشرعية الدولية وأصبح التدخل أمر غير مشروع ، وأصبحت القاعدة هى عدم جواز التدخل ، وذلك إستناداً إلى المبادئ الأساسية لمنظمة الأمم المتحدة والتى تنص على :-

1-    مبدأ المساواة فى السيادة بين جميع الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة .
2-    مبدأ حسن النية فى تنفيذ إلتزامات ميثاق الأمم المتحدة .
3-    مبدأ الإلتزام بتسوية المنازعات الدولية بالوسائل السلمية .
4-    مبدأ الإمتناع عن إستخدام القوة أو التهديد بإستخدامها فى العلاقات الدولية 
5-    مبدأ عدم تدخل الأمم المتحدة فى الشئون الداخلية للدول الأعضاء فيها .
6-    مبدأ التعاون الدولى فى سبيل تحقيق أهداف ومقاصد الأمم المتحدة .

 وأيضاً نص المادة (2/4) من ميثاق الأمم المتحدة والذى رسخ لمبدأ عدم جواز إستخدام القوة المسلحة فى العلاقات الدولية ، ومن ثم يحد من ظاهرة التدخل ولاسيما التدخل العسكرى حيث تنص على :-

" يمتنع على أعضاء الهيئة جميعاً فى علاقاتهم الدولية عن التهديد بإستعمال القوة أو إستخدامها ضد سلامة الأراضى أو الإستقلال السياسى لاية دولة أو على أى وجه لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة "

ولما كان ميثاق الأمم المتحدة ، ومبادئ منظمة الأمم المتحدة قد حظرت إستخدام القوة المسلحة أو التهديد بها ، ويدخل فى ذلك بالطبع التدخل العسكرى فى شئون الدول الأعضاء فى المنظمة ، فإن هذا الامر لا يتضمن أشكال التدخل غير العسكرى مثل التدخل السياسى والأقتصادى والدبلوماسى ومن ثم فإنه ليس هناك ما يمنع الدول أن يقوموا بمثل هذه التدخلات والتى تحدث فى الواقع بين الدول ويحكمها بطبيعة الأمر المتغيرات المختلفه للدول كتقدم الدول وفقرها ، وقوتها وضعفها وغير ذلك من متغيرات تؤثر فى توجهات الدول المختلفة .

ومن ثم يتلخص التطور التايخى فى تغير مبدأ جوازالتدخل الذى كان سائداً فى عصر ما قبل التنظيم الدولى المتمثل فى عصبة الأمم بشكل ضئيل ، وبشكل أكبر فى ظل منظمة الأمم المتحدة استناداً لمبادئ المنظمة ، والمادة (2/4) من ميثاق الأمم المتحدة .


المطلب الثانى

مفهوم  التدخل الدولي


إن تعريف التدخل الدولى وتقدير مدى مشروعيته كان ومازال محل خلاف فقهى ، ومحلاً للشك من جانب العديد من الدول خاصة فى العالم الثالث ، وهذا الخلاف والشك تأثر إلى حد بعيد بالأحداث والتطورات الدولية ، خاصة فى الفترة التالية على الحرب الباردة (17).


تعريف التدخل فى اللغة  :

فى اللغة العربية يعرف التدخل بأنه :-
" تدخل بمعنى دخل قليلاً والدخل ضد الخرج ، والدخل أيضاً العيب والريبه ويقال هذا الأمر دخل ، ولذا قال تعالى  " ولا تتخذوا أيمانكم دخلاً بينكم " أى مكروهاً وخديعة (18)

أما فى اللغة الأنجليزية فقد ورد " Intervention"   بمعنى :-
" يتدخل لتسوية نزاع أو التدخل بالقوة أو التهديد بالقوة فى الشئون الداخلية للدول الأخرى (19)"

ولقد ورد عدة تفسيرات لمدلول عبارة تدخل "Intervention" وتحديد الفرق بينها وبين عبارة "Interference" وذلك إلى الأصول اللاتينية لكل من العبارتين ، فعبارة تدخل Intervention""  تستمد أصولها من الأحرف اللاتينية "Interventio"
 أو "Intus – venire" ، وقد أشتقت منها اللغتين الفرنسية والأنجليزية كلمة مكونة من مقطعين Venire : to come ,  inter : between  (20).


وبتأصيل كلمة تدخل "Intervention" إلى النحو السابق جاءت تفسيراتها المختلفة كما يلى :-

- إنتقاص السيادة أو التدخل الديكتاتورى وذلك بقيام دولة ما بالتدخل بالقوة أو بالتهديد بإستخدامها فى شئون دولة أخرى ، وهذا التدخل قد يكون موجهاً ضد دولة معترف بها فى الأسرة الدولية مثلما كان الوضع فى ظل التاريخ القديم لممارسته تلك التدخلات أو موجهاً ضد دولة ذات حضارة نامية وذلك على نحو ما حدث فى مناسبات عدة خلال العهود الأولى للتوسع الإستعمارى المخطط وهذا هو التفسير الفنى الوارد فى القانون الدولى .

- تفسير جانب من الفقه لهذه العبارة بمعنى تدخل فى الشئون الداخلية لدولة أخرى ، فى حين يذهب جانب أخر من الفقه إلى أن هذه العبارة تتعلق بتدخل دولة ما فى علاقات دولتين أخرتين ، ومن فى الشئون الخارجية لأحدى هاتين الدولتين أو كلتيهما .

- أما عبارة  "Interference" وفعلها  Interfere""  فتستمد أصولها من الأحرف اللاتينية "Interferire" وقد أشتقت منها اللغة الأنجليزية وحدها كلمة من مقطعين   Ferire : to strike ,  inter : between , among  ، بينما تستخدم فى اللغة الفرنسية نفس الكلمة"Interference" .

- وبتأصيل كلمة  "Interference"  تجمع غالبية المعاجم على أن هذه الكلمة لا تعنى أكثر من التدخل العادى ، أى التدخل الداخلى الأكثر شيوعاً ويقصد به تدخل دولة ما بين قطاعات متنازعة للمجتمع فى دولة أخرى حيث يكون سبب النزاع غالباً المطالب ببعض التغيرات الدستورية (21).


تعريف التدخل فى الفقه :

إن ما نقصده بالتدخل هو التدخل الدولي ، أي ذلك الذي يتم من قبل دولة في شؤون دولة أخرى ، وقد عرف أحد كبار فقهاء القانون الدولي، الالماني شتروب "  بان التدخل هو تعرض دولة للشؤون الداخلية أو الخارجية لدولة أخرى دون أن يكون لهذا التعرض سند قانوني ، بغرض الزام الدولة المتدخل في أمرها على إتباع ماتمليها عليها في شأن من شؤنها الخاصة الدولة أو الدول المتدخلة " (22) .

ويرى شارل روسوالفرنسي  " ان التدخل هو عبارة عن قيام دولة بتصرف ، بمقتضاه تتدخل الدولة في الشؤون الداخلية والخارجية لدولة أخرى، بغرض اجبارها على تنفيذ أو عدم تنفيذ عمل ما، ويضيف بان الدولة المتدخلة تتصرف في هذه الحالة كسلطة وتحاول فرض ارادتها بممارسة الضغط بمختلف الاشكال ، كالضغط السياسي والاقتصادي والنفسي والعسكري (23).

أما الفقيه  Oppenheim  فقد عرفه بأنه " كل تدخل دكتاتورى لدولة فى شئون دولة أخرى ، بهدف المحافظة على الأوضاع القائمة أو تغييرها فى تلك الدولة (24)"

وعرف الفقيه Hall  التدخل بأنه " قيام دولة أو مجموعة من الدول بالتدخل فى علاقة قائمة بين دولتين دون موافقتهما أو موافقة أحدهما ، أو أن تتدخل فى الشئون الداخلية لدولة أخرى دون موافقتها " (25).

ويعرفه الدكتور محمد طلعت الغنيمي من الفقه المصري " بانه  تعرض دولة لشؤون دولة أخرى بطريقة استبدادية وذلك بقصد الابقاء على الامور الراهنة للأشياء أو تغييرها " (26)، ومثل هذا التدخل قد يحصل بحق أو بدون حق، ولكنه - في كافة الحالات- يمس الاستقلال الخارجي أو السيادة الاقليمية للدولة المعنية ولذلك فانه يمثل أهمية كبيرة بالنسبة للوضع الدولي للدولة (27).

وذهب الأستاذ الدكتور محمد مصطفى يونس إلى تعريف التدخل بإنه " هو عمل إرادى على درجة من الجسامة يباشره شخص قانونى دولى ، بغية حرمان الدولة من التمتع بسيادتها واستقلالها (28).

وقد عرفه الأستاذ الدكتور على إبراهيم بإنه " سلوك أو عمل صادر عن دولة ما تبحث عن التسلل داخل النطاق المقصور على دولة أخرى بهدف مساعدتها على تنظيم شئونها الخاصة بها ، أو الحلول محلها وتنظيمها بدلاً منها أو تنظيمها بشكل معين حسب هوى ورغبة الدولة الأولى (29).


من خلال التعاريف المذكورة ، يبدو ان أغلب الفقهاء يجمعون على ان التدخل يكون من طرف دولة في شؤن دولة أخرى، ولكننا نرى ان التدخل لا يشتمل فقط على الدول بل يشمل شخوص القانون الدولي كالمنظمات الدولية والاقليمية والاشخاص، أي يتعدى الدول وممارساتها اللانسانية، بغرض التأثير على الدولة المتدخل في امرها بإتيان أو الامتناع عن عمل من شأنه الابقاء أو التغيير في أحد الاوضاع الراهنة في الدولة . وهناك إشارات عند الفقهاء من خلال تصديهم لمفهوم التدخل بانه استبداد لا يستند على أساس قانوني ، بل تعتمد على قوة الدولة في ممارسة الضغط بأشكاله المختلفة (30).



مصادر المبحث الأول :


(1) أنظر : د/ مختار مزراق (حركة عدم الإنحياز فى العلاقات الدولية) ، بيروت 1984 ، الدار العالمية للطباعة والنشر ، ص249 ، مشار إليه د/ أمير كمال محمد دسوقى (مبدأ عدم التدخل بين النظرية والتطبيق فى إطار منظمة الوحدة الإفريقية) ، رسالة دكتوراة ، جامعة القاهرة 1990 ، ص1
(2) أنظر : د/ إدريس بوكرا (مبدأ عدم التدخل في القانون الدولي المعاصر) ، المؤسسة الوطنية للكتاب ، الجزائر 1990 ، ص22 ، مشار إليه أ/ موسى سليمان موسى (التدخل الدولي الانساني ومشروعية التدخل السوري في لبنان) ، رسالة ماجستير ، كلية القانون والسياسة ، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك ، 2007 ، ص30
(3) أنظر : د/ على صادق ابو هيف (القانون الدولي العام) ، الطبعة 9 ، منشأة المعارف الاسكندرية 1971 ، ص226 مشار إليه أ/ موسى سليمان موسى (التدخل الدولي الانساني ومشروعية التدخل السوري في لبنان) ، رسالة ماجستير ، كلية القانون والسياسة ، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك ، 2007 ، ص30
(4) مشار إليه أ/ موسى سليمان موسى (التدخل الدولي الانساني ومشروعية التدخل السوري في لبنان) ، رسالة ماجستير ، كلية القانون والسياسة ، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك ، 2007 ، ص30
(5) أنظر : د/ إدريس بوكرا (مبدأ عدم التدخل في القانون الدولي المعاصر) ، المؤسسة الوطنية للكتاب ، الجزائر 1990 ، ص34 ، مشار إليه أ/ موسى سليمان موسى (التدخل الدولي الانساني ومشروعية التدخل السوري في لبنان) ، رسالة ماجستير ، كلية القانون والسياسة ، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك ، 2007 ، ص31
 (6)،(7)،(8)،(9) أنظر : أ/ موسى سليمان موسى (التدخل الدولي الانساني ومشروعية التدخل السوري في لبنان) ، رسالة ماجستير، كلية القانون والسياسة ، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك 2007 ، ص31
والسياسة ، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك 2007 ، ص31
(10) أنظر : أ/ موسى سليمان موسى (التدخل الدولي الانساني ومشروعية التدخل السوري في لبنان) ، رسالة ماجستير، كلية القانون والسياسة ، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك 2007 ، ص32
(11) أنظر : د/ حسام حسن حسان (التدخل الإنسانى فى القانون الدولى المعاصر) ، دار النهضة العربية 2004 ، ص19 وما بعدها ، مشار إليه د/ عاطف على على الصالحى (مشروعية التدخل الدولى وفقاً لقواعد القانون الدولى العام) ، رسالة دكتوراة ، جامعة الزقازيق 2008 ، ص34
(12) أنظر : د/على صادق أبوهيف (القانون الدولى العام) ، الطبعة السادسة ، منشأة المعارف ، الإسكندرية 1995 ، ص196 ، مشار إليه د/ عاطف على على الصالحى (مشروعية التدخل الدولى وفقاً لقواعد القانون الدولى العام) ، رسالة دكتوراة ، جامعة الزقازيق 2008 ، ص37
(13) أنظر : -ch.m.waldock : the regulation of the use of force by individual states in international law Hague recueil 1952. pp. 457. 467  ، مشارإليه د/ سعيد جويلى (إستخدام القوة المسلحة فى القانون الدولى العام فى زمن السلم) ، 1994 ، ص 14
(14) أنظر :                        5 lauterpact: the grotion tradition ,b.y.i.l,1946,vol.23,pp.1..see generally h-، مشارإليه د/ سعيد جويلى (إستخدام القوة المسلحة فى القانون الدولى العام فى زمن السلم) ، 1994 ، ص 14
(15) أنظر : د/ سعيد جويلى (إستخدام القوة المسلحة فى القانون الدولى العام فى زمن السلم) ، 1994 ، ص19
(16) أنظر : د/ حامد سلطان (الحرب فى نطاق القانون الدولى) ، المجلة المصرية للقانون الدولى ، 1969 ، ص18 ومابعدها ، مشارإليه د/ سعيد جويلى (إستخدام القوة المسلحة فى القانون الدولى العام فى زمن السلم) ، 1994 ، ص 19
(17) أنظر : د/ عاطف على على الصالحى (مشروعية التدخل الدولى وفقاً لقواعد القانون الدولى العام) ، رسالة دكتوراة ، جامعة الزقازيق 2008 ، ص38
(18) أنظر : الشيخ / محمد أبى بكر عبدالقادر الرازى (المختار الصحاح) ، دار التنوير العربى ، بيروت لبنان ، ص200 ، مشار إليه  د/ عاطف على على الصالحى (مشروعية التدخل الدولى وفقاً لقواعد القانون الدولى العام) ، رسالة دكتوراة ، جامعة الزقازيق 2008 ، ص38
(19) أنظر : منير البعلبكى (المورد) ، دار العلم للملايين ، ط22 ، 1994 ، 477  ،مشار إليه  د/ عاطف على على الصالحى (مشروعية التدخل الدولى وفقاً لقواعد القانون الدولى العام) ، رسالة دكتوراة ، جامعة الزقازيق 2008 ، ص38
(20) ، (21) أنظر : د/ محمد مصطفى يونس (النظرية العامة لعدم التدخل فى شئون الدولة ) ، دراسة فقهية تطبيقية فى ضوء مبادئ القانون الدولى المعاصر ، رسالة دكتوراة مقدمة إلى كلية الحقوق جامعة الزقازيق 1985
(22) أنظر : د/ على صادق ابو هيف (القانون الدولي العام) ، الطبعة 9 ، منشأة المعارف الاسكندرية 1971 ، ص217،216 مشار إليه أ/ موسى سليمان موسى (التدخل الدولي الانساني ومشروعية التدخل السوري في لبنان) ، رسالة ماجستير ، كلية القانون والسياسة ، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك ، 2007 ، ص38
(23) أنظر : أ/ موسى سليمان موسى (التدخل الدولي الانساني ومشروعية التدخل السوري في لبنان) ، رسالة ماجستير ، كلية القانون والسياسة ، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك ، 2007 ، ص39
(24) أنظر : Oppenheim . l. & lauterpact ,h. : international law .vol .h , Longmans and green co.,7th ed , London , 1952 ، مشار إليه  د/ عاطف على على الصالحى (مشروعية التدخل الدولى وفقاً لقواعد القانون الدولى العام) ، رسالة دكتوراة ، جامعة الزقازيق 2008 ، ص38
(25) أنظر :                             Hall , we . : a treatiseon  international law , 8th ed , oxford , 1942 , p.337 مشار إليه  د/ عاطف على على الصالحى (مشروعية التدخل الدولى وفقاً لقواعد القانون الدولى العام) ، رسالة دكتوراة ، جامعة الزقازيق 2008 ، ص39
(26) أنظر : د/ محمد طلعت الغنيمي ( الوجيز في قانون السلام) ، منشأة المعارف بالاسكندرية ، بلا تاريخ ، ص311 ، مشار إليه أ/ موسى سليمان موسى (التدخل الدولي الانساني ومشروعية التدخل السوري في لبنان) ، رسالة ماجستير ، كلية القانون والسياسة ، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك ، 2007 ، ص39
(27)  أنظر : أ/ موسى سليمان موسى (التدخل الدولي الانساني ومشروعية التدخل السوري في لبنان) ، رسالة ماجستير ، كلية القانون والسياسة ، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك ، 2007 ، ص39
(28)  أنظر : د/ محمد مصطفى يونس (النظرية العامة لعدم التدخل فى شئون الدولة ) ، دراسة فقهية تطبيقية فى ضوء مبادئ القانون الدولى المعاصر ، دكتوراة مقدمة إلى كلية الحقوق جامعة الزقازيق 1985 ، ص31 ، مشار إليه  د/ عاطف على على الصالحى (مشروعية التدخل الدولى وفقاً لقواعد القانون الدولى العام) ، رسالة دكتوراة ، جامعة الزقازيق 2008 ، ص40
(29) أنظر : د/ على إبراهيم (الحقوق والواجبات الدولية فى عالم متغير) ، 1999 ، مرجع سابق ، ص413 ، مشار إليه  د/ عاطف على على الصالحى (مشروعية التدخل الدولى وفقاً لقواعد القانون الدولى العام) ، رسالة دكتوراة ، جامعة الزقازيق 2008 ، ص40
(30)  أنظر : أ/ موسى سليمان موسى (التدخل الدولي الانساني ومشروعية التدخل السوري في لبنان) ، رسالة ماجستير ، كلية القانون والسياسة ، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك ، 2007 ، ص39



المبحث الثانى

عدم مشروعية التدخل فى الشئون الداخلية للدول


تمهيد :


عندما يتم الحديث عن التدخل الدولى سرعان ما يثور الإعتقاد بالإقتصار على التدخل عن طريق إستخدام القوة المسلحة ، بيد أن عمليات التدخل الدولى أياً كانت أهدافها لم تعد قاصرة على إستخدام القوة أو التهديد بها ، وإنما صار فى الإمكان إجراؤها باية وسيلة أخرى سياسية كانت أم إقتصادية أم دبلوماسية ... إلخ ، ويتفق هذا وما لحق قواعد القانون الدولى من تطور فى مجال إستخدام القوة فى العلاقات الدولية ، فلم تعد هذه القواعد تسمح بإستخدام القوة فى هذه العلاقات سوى فى حالات جد محددة (حالة الفاع الشرعى – حالة التدابير الجماعية القمعية) ، وسواء تم التدخل الدولى عن طريق إستخدام القوة المسلحة أو من خلال اللجوء إلى التدابير السياسية أو الإقتصادية أو الدبلوماسية ... إلخ ، فإنه يشترط أن يكون ثمة إكراه قد مورس ضد الدولة التى نسب إليها إنتهاك قواعد وإحكام القانون الدولى أو أنتهكت حقوق (1).

          ويحصل التدخل الدولى فى صور مختلفة ويتخذ أشكالاً عديدة (2) ، فمن حيث القائمين به يأخذ صورتين ، الأولى صورة التدخل الفردى الذى تقوم به دولة قوية فى شئون دولة ضعيفة أو أكثر ، والصورة الثانية هى التدخل الجماعى الذى تقوم به مجموعة من الدول القوية ذات المصلحه المشتركه فى شئون دولة أو عدة دول أضعف (3).
واذا نظرنا إلى التدخل من زواية الوسيلة المستخدمة يمكننا تمييز التدخل إلى تدخل عسكرى وتدخل غير عسكرى ، وإذا نظرنا إلى التدخل من زاوية الطرق المستخدمة أمكننا تقسيم التدخل إلى تدخل مباشر وتدخل غير مباشر ،  وإذا نظرنا إلى إلى التدخل من زواية إرادة الطرف محل التدخل فقد يكون التدخل مطلوبا ( بناءاً على طلب الدوله ) وقد يكون مفروضا  (4).


إلا أن الدكتور محمد طلعت الغنيمي (رحمه الله) يرى ان للتدخل ثلاث أشكال ،  شكل خارجي وداخلي و عقابي :

ا- ويكون الشكل الخارجي بتدخل دولة في علاقات دولة اخرى مثل تدخل ايطاليا في الحرب العالمية الثانية الى جانب المانيا ضد بريطانيا .
ب- أما الشكل الداخلي للتدخل فيكون منصباً على ما يجري داخل الدولة ويمثل في تدخل دولة لصالح أحد الاطراف المتنازعة داخل الدولة - كما في حالة الثورة- الحكومة أو الثورة.
ج- والشكل العقابي يمثله حالة القمع التي تفرضه الدولة بسبب ضرر ألحقتها الدولة المتدخل في شأنها بالدولة المتدخلة ، كالحصر السلمي على شواطئ الدولة ، ولم يقتصر الغنيمي على تقسيماته هذه فيشير الى ان بعض الفقهاء يضيفون التدخل الاقتصادي والتدخل الهدام  أيضاً.
د- والتدخل الاقتصادي هو أحد أشكال التدخل الذي تمارسه الدولة على اقتصاد دولة أخرى (5) .
أما الدكتور على صادق ابوهيف فيقسم التدخل الى السياسي والعسكري والفردي والجماعي والصريح والمباشر:

ا- التدخل السياسي هو ذلك التدخل الذي يحصل بطريق رسمي وبصفة علنية ، أو بطريق غير رسمي ودون علانية ، ويكون التدخل بطلب كتابي أو شفوي من الدولة المتدخلة الذي قد يتحول الى تدخل عسكري أو التهديد به إذا لم تجيب الدولة المتدخل في أمرها لطلبات الدولة المتدخلة .
ب- التدخل الفردي أو الجماعي : قد يكون التدخل من طرف دولة واحدة وقد يكون جماعياً ، ويكون للتدخل الجماعي آثاراً أقل خفةً وحدةً من التدخل الفردي كونه لا يأتي ضماناً لمصلحة دولة بذاتها ، وجاء في المادة (14) ، والمادة (36) من ميثاق الامم المتحدة بانه يكون للجمعية العامة أو لمجلس الامن ان يوصي كل منهما باتخاذ ما يراه ملائماً من تدابير لتسوية أي موقف يضر بالرفاهية العامة أو يعكر صفو العلاقات الودية بين الامم  .

ج- التدخل الصريح أو الضمني : كثيراً ما تتدخل دولة ما في شؤون دولة أخرى ، وكي تنفرد هي بالمغنم - الذي تراه - تجعل من تدخلها خفياً ، وكثيراً ما ينتج عن التدخل الخفي آثاراً سيئة وضارة كونها تحصل دون سلطات الدولة المتدخل في أمرها ، بعكس التدخل العلني والصريح  (6).

ومن ثم يتضح أن هناك أختلاف فى الفقه والعمل الدولى حول أقسام وأشكال التدخل الدولى ، لذا سيقتصر هذا البحث على دراسة الأشكال الأخرى غير التدخل الفردى العسكرى ، وهى التدخل السياسى ، والإقتصادى ، والدبلوماسى ، ذلك أن التدخل العسكرى من قبل الدول أصبح غير مشروع دولياً بمجرد صدور ميثاق الأمم المتحدة ، ولاسيما نص المادة (2/4) ، وكذلك  مبادئ الأمم المتحدة ، ولاسيما الذى ألزم الول الأعضاء بالتسوية السليمة للمنازعات الدولية .

واذا كان التدخل الدول عسكرياً من قبل الدول فرادى لم يصبح محل جدل حول عدم مشروعيته ، فهناك شكل أخر من التدخل أيضاً ليس هناك شك أنه مشروع وفقاً لنصوص ميثاق الأمم المتحدة ، وهو التدخل الجماعى من قبل الأمم المتحدة ولاسيما ما يدخل فى سلطات مجلس الأمن وفقاً للفصل السابع من الميثاق وذلك بالمهمة الموكولة إليه بحفظ السلم والأمن الدوليين .

لذا سيتم توضيح بعض حالات التدخل المشروع فى الفقه والعمل الدولى ، ثم يتم بحث موضوع البحث وهو التدخل غير العسكرى التى تقبل عليه الدول فى علاقاتها بغيرها وذلك ضمن الصراع المستمر بين الدول المتقدمة والنامية ، حيث أن الدول المتقدمة تريد السيطرة على الدول الأقل قوة ، والدول النامية تبحث عن الإستقلال لإمكانية الوصول إلى تحقيق أمال شعوبها .


المطلب الأول

التدخل المشروع فى الفقه الدولي


الأصل في التدخل غير جائز، وهذا ما أكدته مواثيق المنظمات الدولية وقراراتها حفاظاً على حقوق الدول التي تقضي بالتزام الدول بتلك الحقوق، كما ان غالبية الفقه أيضاً يشجبون  التدخل ويحرمونه، إلا ان نفراً قليلاً منهم أباح التدخل إذا ماكانت للدولة مصلحة فيه  منهم كامبتز الالماني وباتور الفرنسي (7).

الا ان الفيلسوف الالماني عمانوئيل كانت ، والعلامة الفرنسي لويس ربنو، يران عدم جواز التدخل على الاطلاق ، إلا إذا كانت الدولة في حالة دفاع شرعي (8) .

ورغم أصالة عدم جواز التدخل إلا ان هناك استثناءات على ذلك الأصل تبيح بعض حالات التدخل منها :

1- التدخل دفاعاً عن حقوق الدولة

ان ممارسة الدولة لحقوقها ليس مستثنياً من كل قيد فكل حق يقابله التزام ، وممارسة الدولة لحقوقها يقابلها التزامات ، عليها أن تحترمها ، ومن التزاماتها عدم الاضرار بالغير، كما ان اساءة استعالها لحقوقها قد يكون فيه ضرر بدولة أخرى ، وعندئذ يحق لتلك الدولة التدخل ، إذا لم تكن الوسائل السلمية بأشكالها المختلفة مجدية في ذلك ، وقد حدد فوشي بعض الحالات التي يجوز فيها التدخل وهي :
أ - زيادة التسليح من قبل دولة معروفة بميلها للعدوان .
ب - قيام الدولة بمؤامرة بغرض اشعال ثورة أو قلب نظام الحكم في دولة أخرى .
ج - قيام ثورة في دولة ما يخشى من انتشارها على سلامة الدول المجاورة .
د - حالة تصريح دولة علناً على عزمها في بسط نفوذها على دولة أخرى (9) .

ان تدخل دولة ما في شأن دولة أخرى دفاعاً عن حقوقها يستدعينا ان نتعرض للموضوع التعسف في استعمال الحق،  فالتطورات التقنية والصناعية في دولة ما، و احتياجاتها  للموارد المختلفة، وحرية الدولة في استغلالها لمواردها الطبيعية، ذلك الاستغلال الذي يأخذ أشكالاً مختلفة بتطور التكنولوجيا واحتياجات الدولة  كاستغلال الانهار الدولية أو ما يسمى أحياناً بالممرات المائية العابرة للحدود التي تمر بأقاليم أكثر من دولة ، فاحتياجات الدولة لمياه الشرب والري وانتاج الطاقة مع توافر التقنية الحديثة في استغلال مياه الانهار بالشكل الأمثل، كثيراً ما يؤثر على حقوق الدولة السفلى التي تشاركها في النهراذا ما تعسفت الدولة  الاعلى  في استعمال حقها وأدى الى انخفاض مستوى النهر بالشكل الذي يؤثرعلى اقتصاد الدولة السفلى في الري والصناعة وانتاج الطاقة. وقد حدثت ازمة حادة بين سوريا والعراق بشأن منسوب مياه نهر الفرات منذ السبعينيات من القرن الماضي اثناء انشاء سوريا لسد الطبقة على نهر الفرات، وكذلك بين كل من تركيا وسوريا منذ الثمانينات نتيجة توجه تركيا للاستثمار المكثف لمواردها المائية بإنشاء السدود، ومنها سد اتاتورك على نهر الفرات وحبس المياه عن الدول الواقعة في اسفل النهر سرعان ما تحول الخلاف حول منسوب النهر الى ازمة سياسية أدخل فيها موضوع حزب العمال الكردستاني التركي، وتفاقمت الازمة حتى وصلت الى حشد تركيا لقواتها العسكرية على الحدود السورية للضغط عليها مما اجبرتها على مغادرة زعيم حزب العمال الكردستاني التركي من سوريا وكانت نتيجته القبض عليه في العاصمة الكينية نيوربي في شباط 1999، فالتعسف في استعمال الحق المشترك من طرف دولة ما قد يتحول الى ضغط على الدولة الاخرى للاتيان أو الامتناع عن عمل لتحقيق مصلحة الدولة المتعسفة في استعمال حقها  ، ورأينا ان التعسف في استعمال الحق لا يعتبر تدخلاً من الدولة المتعسفة في استعمال حقها، بل يشكل مبرراً لتدخل شرعي من جانب الدولة المتعدية على حقوقها اذا ما استنفذت الطرق السلمية في حل الخلاف الناشئ بسبب التعدي على حقوق الدولة، الناتج عن تعسف دولة ما في استعمال حقها بالشكل الذي يضر بالدولة الاخرى (10).

2- التدخل لحماية حقوق ومصالح رعايا الدولة   

للدول الحق في حماية رعاياها في الدول الاخرى و انها مكفلة بذلك إذا ما كان قانونها الداخلي يلزمها بذلك - وهو حالة أغلب الدول- ولكن تدخل الدولة لحماية مصالح وحقوق رعاياها غير مطلقة من كل قيد ، وباعتباران الدول تمتلك  نظماً قانونية ، فلا يجوز التدخل الا اذا كانت تلك النظم القانونية غير كافية لحماية رعايا الدول الاخرى وأمنهم ومصالحهم ، في حالة خرق حقوق الاجانب وعدم الحفاظ على أمنهم كبقية المواطنين ، أو تعرضهم لاعتداءات غير مشروعة ، عندئذ يحق للدول أن تتدخل لحماية حقوق ومصالح وأمن رعاياها (11) .

3- التدخل الجماعي طبقاً لميثاق الامم المتحدة

يرى الدكتور الغنيمي مشروعية التدخل الجماعي استناداً الى الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة التي تبيح التدخل إذا ما أقدمت الدولة المعنية –المتدخل في أمرها- على بعض الاعمال التي تكون من شأنها تهديد الأمن والسلم الدوليين ، أو في حالة قيام الدولة المعنية بالعدوان على دولة أخرى  (12).

وحالات التدخل الجماعي كثيرة آخرها كانت التدخل الدولي – قوات التحالف – في العراق بقواتها العسكرية ، ويشكل التدخل الجماعي الذي يتم بقرار من المنظمة الدولية – الامم المتحدة – جائزاً لاستناده على شرعية دولية ، لكن بعض حالات التدخل الجماعي يفتقد الى تلك الشرعية من المنظمة الدولية الى ما بعد حين ، ثم تحصل الدول المتدخلة على غطاء شرعي لتدخلها من تلك المنظمة مما يشير بان الامم المتحدة نفسها تخضع في كثير من الاحيان الى الامر الواقع الذي يتخذه الدول القوية (13).

4- التدخل بناء على طلب

 يجيز الفقيه كونيديك التدخل إذا كان بناء على طلب ، أي دون أي ضغط ، ويجب
أن يأتي  الطلب حسب رأيه من طرف الحكومة الفعلية (14).

ويرى الفقيه الفرنسي شارل شومان ، ان الاعتراف للحكومات القائمة بحق الحصول على مساعدات عسكرية خارجية أمر لايتفق ومبدأ عدم التدخل ، لان الشرعية الدولية  لاتبقى دائماً الى جانب الحكومات القائمة ، ففي حالة حق الشعوب في تقرير مصيرها تحل الشرعية للشعوب ، لذلك لايجب مراقبة الشرعية القائمة من قبل الدول الاجنبية (15)

5- التدخل ضد التدخل

إذا ما تدخلت دولة في شؤون دولة أخرى يجب التفرقة بين حالة ما إذا كان التدخل مشروعاً أم غير مشروع ، فلا يجوز التدخل من قبل دولة ثالثة  إذا ما كان التدخل الأول تدخلاً  مشروعاً ، ويجوز التدخل إذا كان هناك أضرار بمصالح الدولة المتدخلة ، أو اضرار للصالح العام لجماعة الدول (16).

ومن الأمثلة على ذلك هو تدخل بريطانيا سنة 1826 في شؤون البرتغال لتمنع تدخل اسبانيا. وكذلك  تدخل بريطانيا وفرنسا سنة 1854 لتمنع تدخل روسيا في شؤون تركيا (17).

6- التدخل من أجل حماية حقوق الانسان وتحقيق الحماية الانسانية

يرى البعض من الفقهاء والشراح جواز التدخل  دفاعاً عن الانسانية في حالات الاضطهاد التي تمس حقوق الاقليات في دولة ما ، وان الاعتداء على حياتهم وحرياتهم وحقوقهم هو اخلال بقواعد القانون الدولي ومبادئ الانسانية ، وبالمقابل هناك من  يرى بان هذا الشكل من التدخل لا يستند على أساس قانوني ، ومع ذلك من الجائز التدخل للحماية الانسانية . واكتفي بهذا القدر  فيما يخص هذا الشكل من التدخل كوني خصصت المبحث الثاني للتدخل من اجل حماية حقوق الانسان (18).

ومما سبق يتبين أن الفقه الدولى يرى إتساع مجال التدخل فى الشئون الداخلية للدول ، وهذا ليس واقعاً فى المجتمع الدولى بصورة كبيرة ولاسيما التدخل العسكرى ، أما التدخلات غير العسكرية ، سواء الفردية أوالجماعية فقليلة جداً ، ومن ثم فيجب أن يكون هناك ضوابط تحكم مسألة التدخل الدولى ، وبالطبع يجب أن تكون تصرفات الدول محكومة بالشرعية الدولية التى تمثل منظمة الأمم المتحدة بكل أجهزتها.

 وعلى ضوء قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2625 الصادر فى 24 أكتوبر للعام 1970 يتبين مدى مشروعية التدخل الدولة  وضوابطه ، حيث ينص القرار على أنه :-
" لا يجوز لاية دولة إستخدام التدابير الإقتصادية أو السياسية أو أى نوع أخر من التدابير أو تشجيع إستخدامها لكى تكره دولة أخرى على النزول عن ممارسة حقوق السيادة أو للحصول على منها على أية مزايا ...."


ويلاحظ على القرار رقم 2625 أنه ركزعلى شكل معين دون الاشكال الأخرى للتدخل ، وهى (التدابير السياسية والإقتصادية) وهى تمثل التدخل غير العسكرى ، ولعل هذا الأمر يرجع إلى أن التدخل العسكرى كأحد أشكال التدخل الدولى أصبحت غير مشروعة بمجرد صدور ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945 وذلك وفقاً للمادة (2/4) .

ومن خلال القرار سالف الذكر يتضح أن هناك عناصر للتدخل الدولى  يصبح  بتوافرها التدخل غير مشروع دولياً وفقاً للقرار الذى يمثل الشرعية الدولية ، وتتمثل هذه العناصر فى ما يلى :-
-         عنصر الإكراه أو القسر.
-    الإعتداء على الحقوق السيادية للدولة المستهدفة بفعل التدخل وذلك من أجل الحصول على مزايا لصالح الدولة المتدخل


المطلب الثانى

الأساس القانونى لحظر التدخل الدولى

يمكن الإعتماد على نص المادة (38) من النظام الأساسى لمحكمة العدل الدولية ، لبيان الأساس القانونى للحظر وذلك كما يلى :-
1-    الأتفاقيات والمعاهدات الدولية.
2-    العرف الدولى.
3-    مبادئ القانون العامة التى أقرتها الأمم المتمدنة.
4-    الأحكام القضائية ومذاهب كبار المؤلفين فى القانون العام.

فمن المسلم به أن حظر تدخل الدول فى الشئون الداخلية للول الأخرى يجد أساسه القانونى فى قاعدة دولية عرفية نشأت وتكونت من خلال إبرام العديد من الوثائق الدولية ، والعالمية ، والأقليمية ، والثنائية ، والتى أكدت على حظر التدخل من قبل دولة فى شئون غيرها من الدول (19) ، ومبائ القانون العامة التى أرتضتها الأمم المتحضرة ، وأحكام المحاكم الدولية ، وأراء كبار الفقهاء.

وكذلك كانت نصوص ميثاق الأمم المتحدة الأساس الذى تهدم تهدم منذ صدوره كل الأفعال التى كانت مباحة فى ظل القانون الدولى التقليدى والتى كان منها التدخل الدولى ، حيث نصت المادة (2/7) على  أنه :-

"ليس في هذا الميثاق ما يسوغ للأمم المتحدة أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما، وليس فيه ما يقتضى الأعضاءأن يعرضوا مثل هذه المسائل،لأن تحل بحكم هذا الميثاق، على أن هذا المبدأ لا يخل بتطبيق تدابير القمع الواردة في الفصل السابع" .
ويعتبر مبدأ عدم التدخل ، من المبادئ الأساسية التي تعمل الهيئة وفقاً لها ، وتلك المبادئ كما جاءت في نص المادة الثانية هي : -

1- المساواة في السيادة بين جميع أعضائها.
2- إلتزام الدول بالوفاء بالتزاماتها الدولية وفق مقتضيات حسن النية.
3- إلتزام الدول بتسوية منازعاتها بالطرق السلمية.
4- إمتناع الدول الأعضاء في علاقاتهم الدولية ،عن التهديد بإستعمال القوة ، وإستخدامها ضد سلامة الأراضي ،أوالإستقلال السيادي ، أوعلى أي وجه لايتفق ومقاصد الأمم المتحدة .
5- تقديم الدول الأعضاء العون للأمم المتحدة في أعمالها المتخذة وفق هذا الميثاق .
6- عدم التدخل في شؤون الدول بما لايخل بتطبيق تدابيرالقمع الواردة في الفصل السابع .

وعدم التدخل الذي ورد ذكره هنا ، لا يكون على إطلاقه ، حيث استثنى من ذلك ، بموجب الفصل السابع، ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم ، أو إخلال به ، أوما كان قد وقع عملاً من أعمال العدوان ، أن يدعو المتنازعين للأخذ بما يراه ضرورياً ، أو مستحسناً من تدابير مؤقتة  ، أما إذا رأى مجلس الأمن إن التدابيرالمؤقتة ، والمنصوص عليها في المادة 41 لاتفي بالغرض ، أو ثبت إنها لم تف به ، جازله بطريق القوات الجوية ،  والبحرية من الأعمال ، ما يلزم لحفظ السلم ، والأمن الدولي ، أو لإعادته إلى نصابه (20) .

وبالرجوع إلى نص المادة (2/7) يرى بأنه لم يحدد الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي، كما لم يشر ميثاق الأمم المتحدة كله إلى ذلك التحديد ، وربما كان القصد من عدم التحديد هو تركه للتطورات التي تحصل في مجال العلاقات الدولية وغيرها ، لكن عدم التحديد نفسه من شأنه أن يضع مجلس الأمن ، بل المنظمة الدولية في وضع حرج ، في تغيير دائم يتوقف على درجة تطور المجتمع الدولي (21).

ملاحظات وتوضيح بشأن المادة (2/7) من الميثاق :-

1-    لم تقصد المادة المذكورة الدول في عدم التدخل ، بل قصدت عدم تدخل المنظمة .
2-    استثنت المادة المذكورة تدابير القمع الواردة ذكرها في الفصل السابع من الميثاق .
3-  لم توضح المادة المذكورة ماهية الاعمال التي تكون من صميم السلطان الداخلي للدول أو ما يسمى بالمجال المحفوظ للدول ، أو الشؤون التي تكون من صميم الاختصاص الوطني للدولة ، كما ولم تحدد الجهة المختصة بتحديد هذا المجال (22).

وقد تعرض الفقه الدولي الى الاعمال التي تكون من صميم الشؤون الداخلية للدول ، كما ان للقضاء الدولي باعاً في ذلك ،بالإضافة الى ما تقوم به المنظمة الدولية من تطبيقات في ذلك الشأن(23) ، ومن سيتم إيضاح المقصود من خلال أعمال الفقه والقضاء وما أستقر عليه عمل المنظمات الدولية :-

في الفقه الدولي :

أ- جاء في قرارلمجمع القانون الدولي عام /1954/ إن: "المسائل التي تعد من صميم السلطان الداخلي هي تلك الأنشطة التي تمارسها الدولة ، والتي يعد فيها إختصاص الدولة غير مقيد بالقانون الدولي . ويتوقف مدى ، أو نطاق هذه المسائل على القانون الدولي، ويختلف تبعاً لتطوره" (24) .
وعليه يمكن للدول ان تمارس اختصاصها على كافة المشاكل الغير محددة بقواعد القانون الدولي ، وان أي تدخل فيها يعتبر تدخلاً غير مشروع (25).
ب- كما ان الرئيس السابق للمحكمة الاوربية لحقوق الانسان - السيد هنري رولان - أشار في تقرير له أن " الاختصاص الوطني ،الذي يحميه الميثاق من كل تدخل من جانب الامم المتحدة يشمل جميع المسائل التي لم ينظمها قانون الشعوب ، والتي لا يمكن أن تهم دولاً أخرى ."( 26)

الا ان القانون الدولي كمعيارلتحديد الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي للدول قد تعرض للنقد من جانب البعض أمثال فرستردالاس ،باعتبار ان القانون الدولي يخضع لتغيرات وتقلبات مستمرة (27).


في القضاء الدولي :

لقد عرضت الكثير من الدعاوي على محكمة العدل الدولية وتعرضت هي بدورها في الفصل في تلك الدعاوي إلا انها عدلت وغيرت في بعض أحكامها على بعض القضايا - موضوع النزاع - المعروضة عليها،فقد كانت قضية شركة الزيت الأنكلو ايرانية من القضايا المهمة المعروضة عليها فقد أعلنت عن عدم اختصاصها في النظر فيها وأعتبرت ان قضايا التأميم تدخل في صميم الشؤون الداخلية للدول، الامر الذي أحدث تعارضاً بين قرارها تلك والأمر الذي كانت قد أصدرته سابقاً بالحفاظ على الترتيبات التي كانت موجودة قبل صدور قرارات التأميم ، وبالامتناع عن اتخاذ التدابير التي من شأنها المساس بحقوق الفرقاء ، وبعد الاعتراض الايراني على اختصاص المحكمة في النظرفي تلك القضية أصدرت المحكمة حكمها بعدم النظر في الدعوى لأنها تتعلق بمسألة داخلية لدولة ذات سيادة (28)

لذلك من الصعوبة تحديد مضمون الإلتزام بعدم التدخل ، أوالمجال المحجوز للدول ، نتيجة عدم وجود معيار دقيق ، يمكن الإستناد عليه للفصل بين المسائل التي تدخل في النطاق المحجوز للدول ، وتلك التي يجوز للهيئات الدولية التدخل فيها (29) ، لأن ما يدخل اليوم ضمن النطاق المحجوز للدول ، قد تتحول غداً الى دائرة إهتمام القانون الدولي بسبب تطورالعلاقات الدولية ، فمسائل حقوق الإنسان وإجراء الإصلاحات الديمقراطية ، باعتبارها السبيل الأمثل لمكافحة الإرهاب الدولي ، كانت تعتبر من صميم السلطان الداخلي  والمجال المحجوزللدول ،  لكنها أصبحت اليوم في دائرة الإهتمام الدولي ، وقد إتسع نطاق المسائل التي أصبحت خارجة عن المجال المحفوظ للدول ، فالمناهج الدراسية ، وضرورة تغييرها أصبحت تأخذ حيزاً، في خطب، وأحاديث رؤساء الدول الكبرى،وخاصة أمريكا ، مهددين به الكثير من دول الشرق الأوسط ، وخاصة العربي والإسلامي منها  بالتدخل ، رغم أن تلك المسائل كانت من صميم المسائل الداخلية للدول ، بالإضافة إلى التطورات الحديثة في مجال الإتصالات ، وماأفرزته التوجه ، نحو النظام العالمي الجديد ، وإتفاقيات الجات التي تستهدف إلى عولمة العالم ، وتأثيراتها على العلاقات الدولية وتشابكها ، مماأدى إلى تقليص مفهوم السيادة ، وتضييق نطاق المجال المحفوظ للدول (30).


 ما أستقر عليه العمل في المنظمة الدولية :

يتبين بوضوح بان الامم المتحدة تجيز تدخلها في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي للدول إذ ما أصبح ذلك الشان موضوع :
أ - اتفاق أو معاهدة دولية ، باعتبارها تأخذ طابعاً دولياً، حيث أقرت الامم المتحدة اختصاصها في قضية معاملة حكومة جنوب افريقيا لبعض المواطنين من أصل هندي ،لوجود اتفاق بين حكومة الهند وحكومة جنوب افريقيا .
ب - أو تحقق مصلحة دولية ، أو إهتمام دولي . فالقضايا التي تثير الاهتمام الدولي تبرر اختصاص المنظمة الدولية بالتدخل .
ج -  أوإذا ما تعلق الامر بغرض من أغراض المنظمة الدولية . فالامور المتعلقة بعمل المنظمة في قيامها بأعمالها تخرج من نطاق الاختصاص الداخلي للدول (31).

 قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة  :-

1- القرار (/2131/(A/RES 31 كانون الأول 1965 :-
(إعلان عدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وحماية إستقلالها وسيادتها) .
نصت الفقرة الأولى من هذا القرار بأنه ، ليس لأية دولة حق التدخل بصورة مباشرة ، أوغيرمباشرة ، ولأي سبب كان في الشؤون الداخلية ، أوالخارجية لأية دولة ، كما شجبت كل تدخل مسلح ، أوغيرمسلح ،أوتهديد ، يستهدف شخصية الدول ، أوعناصرها السياسية ، والثقافية، والإقتصادية ، كما أشارت الفقرة أيضاً : إلى عدم جوازإستخدام أي تدبيرلإكراه دولة أخرى على النزول عن ممارسة حقوقها السيادية (32) .
وقد أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة جملة من القرارات - من وقت إنشائها إلى اليوم- التي حثت على عدم تدخل الدول في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وكذلك جملة القرارات التي تعتبرالتدخل عملاً لايستند على أية مشروعية، لذلك شجبته ، وحثت الدول على عدم التدخل ، أوممارسة أي نوع من أنواع الضغط والإكراه على الدول الأخرى ............. (33).

ومن تلك القرارات :

2- القرار (2625/(A/RES 24 تشرين الأول 1970 :-
(إعلان مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية ، والتعاون بين الدول وفقاً لميثاق الأمم المتحدة) والذي يعتبرالحرص على ضمان تطبيق تلك المبادء على أفضل وجه في المجتمع الدولي، وتدوينها وإنمائها التدريجي ، من شأنه تعزيز تحقيق مقاصد الأمم المتحدة.
وتلك المبادئ كما جاء في القرار المذكور هي :
- مبدأ امتناع الدول في علاقاتها الدولية ، عن التهديد بإستعمال القوة ، أو إستعمالها ضد السلامة الإقليمية ،أولإستقلال السياسي لأية دولة ،أوعلى نحو يتنافى مع مقاصد الأمم المتحدة ، وكذلك مبدأ فض المنازعات الدولية بالطرق السلمية ، ووجوب عدم التدخل في الشؤون التي تكون من صميم الولاية القومية لدولة ما ، وفقاً للميثاق وما إلى ذلك (34) .               
  
3- القرار (2734/(A/RES 16 كانون الأول 1970 (الإعلان الخاص بتعزيز الأمن الدولي) :-
حيث تؤكد الجمعية العامة في هذا القرار وبشكل رسمي ، بإن لمقاصد الأمم المتحدة ، ومبادئة صحة كلية مطلقة ، من حيث هي أساس العلاقات بين الدول ، بصرف النظر عن حجمها ،أوموقعهاالجغرافي ،أو مستوى نموها ، أونظامهاالسياسي، والإقتصادي ، والإجتماعي ، وتعلن كذلك إن خرق تلك المبادئ لا يمكن تبريره أياً كانت الظروف ، كما طلبت الجمعية العامة جميع الدول بأن تلتزم بدقة في علاقاتها الدولية ، مقاصد الميثاق وأهدافه ، بما فيها مبدأ إمتناع الدول في علاقاتها الدولية ، عن التهديد بإستخدام القوة ،أو إستخدامها ضد السلامة الإقليمية ،أوالإستقلال السياسي لأية دول ، أوعلى أي نحوآخريتنافى ، ومقاصد الأمم المتحدة ، وكذلك وجوب عدم التدخل في الشؤون التي تكون من صميم الولاية القومية لدولة ما، وفقاً للميثاق. بالإضافة إلى الإستفادة الكاملة من الوسائل،والطرق التي ينص عليها الميثاق ، لتسوية أي نزاع ،أوأية محاولة يكون من شأنها إستمرارها تعريض السلم والامن الدوليين للخطر (35)  .

4- القرار (3314/(A/RES 1974 ، بشأن تعريف العدوان :-
حيث بينت المادة الأولى ، بما يعني إن كل استخدام للقوة المسلحة ، من قبل دولة ما ، ضد سيادة دولة أخرى ، أو سلامتها الإقليمية ،أوإستقلالها ، يعتبر عدواناً (36) .

5- القرار (155/32/(A/RES 19 كانون الأول 1977 .(إعلان تعميم،وتدعيم الإنفراج الدولي)  :-

حيث جاءت الفقرة الخامسة من هذا الإعلان بما يلي : "أن تمتنع من التهديد بالقوة ، أو استعمالها ، وأن تلتزم في علاقاتها مع الدول الأخرى بمبادئ التساوي في السيادة ، والسلامة الإقليمية، وعدم جواز انتهاك حرمة الحدود الدولية ، وعدم جواز حيازة وإحتلال أراضي الدول الأخرى بالقوة وتسوية المنازعات - بما في ذلك منازعات الحدود- بالوسائل السلمية دون غيرها، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، واحترام حقوق الإنسان (37).

6 -  القرار (103/39//RES (A 9 كانون الأول 1981 :-
(إعلان بشأن عدم جوازالتدخل بجميع أنواعه في الشؤون الداخلية للدول) .
جاء في مادته الأولى : لا يحق لاية دولة ، أو مجموعة من الدول ، أن  تتدخل بصورة مباشرة،أوغيرمباشرة لأي سبب كان، في الشؤون الداخلية والخارجية للدول الأخرى ومنها.
أ ـ التراث الثقافي للسكان .
ب ـ حق الدولة في تقرير نظامها السياسي، والإقتصادي، والثقافي والإجتماعي بحرية. 
ج ـ الحق في الوصول الحر إلى المعلومات


مصادر المبحث الثانى :


(1) أنظر : د/ عاطف على على الصالحى (مشروعية التدخل الدولى وفقاً لقواعد القانون الدولى العام) ، رسالة دكتوراة ، جامعة الزقازيق 2008 ، ص170
(2) أنظر : د/ السيد مصطفى أبو الخير(المبادئ العامه فى القانون الدولى المعاصر) ، الطبعة الأولى2006 ، ص314 ، مشار إليه د/عاطف على على الصالحى (مشروعية التدخل الدولى وفقاً لقواعد القانون الدولى العام) ، رسالة دكتوراة ، جامعة الزقازيق2008 ، ص51
(3) أنظر : د/ على صادق أبوهيف (القانون الدولى العام) ، منشأة المعارف ، الأسكندرية1995 ، ص185 ، مشار إليه د/عاطف على على الصالحى (مشروعية التدخل الدولى وفقاً لقواعد القانون الدولى العام) ، رسالة دكتوراة ، جامعة الزقازيق2008 ، ص51
(4) أنظر :  د/ عاطف على على الصالحى (مشروعية التدخل الدولى وفقاً لقواعد القانون الدولى العام) ، رسالة دكتوراة ، جامعة الزقازيق2008 ، ص51
 (5) أنظر : د/ محمد طلعت الغنيمي ( الوجيز في قانون السلام) ، منشأة المعارف بالاسكندرية ، بلا تاريخ ، ص214 ، مشار إليه أ/ موسى سليمان موسى (التدخل الدولي الانساني ومشروعية التدخل السوري في لبنان) ، رسالة ماجستير ، كلية القانون والسياسة ، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك ، 2007 ، ص39
(6) أنظر : أ/ موسى سليمان موسى (التدخل الدولي الانساني ومشروعية التدخل السوري في لبنان) ، رسالة ماجستير، كلية القانون والسياسة ، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك 2007 ، ص40،39
(7) أنظر : أ/ موسى سليمان موسى (التدخل الدولي الانساني ومشروعية التدخل السوري في لبنان) ، رسالة ماجستير، كلية القانون والسياسة ، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك 2007 ، ص40
(8) أنظر : فوشى مشار إليه ،  د/ على صادق أبوهيف (القانون الدولى العام) ، منشأة المعارف ، الأسكندرية1995 ، ص220 ، مشار إليه أ/ موسى سليمان موسى (التدخل الدولي الانساني ومشروعية التدخل السوري في لبنان) ، رسالة ماجستير ، كلية القانون والسياسة ، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك ، 2007 ، ص40
(9) ، (10)  أنظر : أ/ موسى سليمان موسى (التدخل الدولي الانساني ومشروعية التدخل السوري في لبنان) ، رسالة ماجستير، كلية القانون والسياسة ، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك 2007 ، ص40 ،41
(11) أنظر : أنظر : د/ محمد طلعت الغنيمي ( الوجيز في قانون السلام) ، منشأة المعارف بالاسكندرية ، بلا تاريخ ، ص314 ، مشار إليه أ/ موسى سليمان موسى (التدخل الدولي الانساني ومشروعية التدخل السوري في لبنان) ، رسالة ماجستير ، كلية القانون والسياسة ، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك ، 2007 ، ص41
(12) ، (13) ، (14) أنظر : أ/ موسى سليمان موسى (التدخل الدولي الانساني ومشروعية التدخل السوري في لبنان) ، رسالة ماجستير، كلية القانون والسياسة ، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك 2007 ، ص41
(15) أنظر : د/ إدريس بوكرا (مبدأ عدم التدخل في القانون الدولي المعاصر) ، المؤسسة الوطنية للكتاب ، الجزائر 1990 ، ص229 ، مشار إليه أ/ موسى سليمان موسى (التدخل الدولي الانساني ومشروعية التدخل السوري في لبنان) ، رسالة ماجستير ، كلية القانون والسياسة ، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك ، 2007 ، ص41
(16) ، (17) ، (18) أنظر : أ/ موسى سليمان موسى (التدخل الدولي الانساني ومشروعية التدخل السوري في لبنان) ، رسالة ماجستير، كلية القانون والسياسة ، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك 2007 ، ص41 ، 42
(19) أنظر : د/ عاطف على على الصالحى (مشروعية التدخل الدولى وفقاً لقواعد القانون الدولى العام) ، رسالة دكتوراة ، جامعة الزقازيق 2008 ، ص344
(20) ، (21) ، (22) ، (23) أنظر : أ/ موسى سليمان موسى (التدخل الدولي الانساني ومشروعية التدخل السوري في لبنان) ، رسالة ماجستير، كلية القانون والسياسة ، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك 2007 ، ص32،33
(24) أنظر : د/ أحمد أبوالوفا (الوسيط في القانون الدولي العام ) ، الطبعة الرابعة 2004 ، دارالنهضة العربية القاهرة ، ص 362 هامش  ، مشار إليه أ/ موسى سليمان موسى (التدخل الدولي الانساني ومشروعية التدخل السوري في لبنان) ، رسالة ماجستير ، كلية القانون والسياسة ، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك ، 2007 ، ص33
(25)  أنظر : أ/ موسى سليمان موسى (التدخل الدولي الانساني ومشروعية التدخل السوري في لبنان) ، رسالة ماجستير، كلية القانون والسياسة ، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك 2007 ، ص33
(26) أنظر : د/ إدريس بوكرا (مبدأ عدم التدخل في القانون الدولي المعاصر) ، المؤسسة الوطنية للكتاب ، الجزائر 1990 ، ص94 ، مشار إليه أ/ موسى سليمان موسى (التدخل الدولي الانساني ومشروعية التدخل السوري في لبنان) ، رسالة ماجستير ، كلية القانون والسياسة ، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك ، 2007 ، ص33
(27) ، (28)  أنظر : أ/ موسى سليمان موسى (التدخل الدولي الانساني ومشروعية التدخل السوري في لبنان) ، رسالة ماجستير، كلية القانون والسياسة ، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك 2007 ، ص33
(29) أنظر : د/ حسين حنفى عمر (التدخل في شؤون الدول بذريعة حماية حقوق الانسان) ، ط 1 دار النهضة العربية القاهرة ، 2004/2005 ، ص 18 ، مشار إليه أ/ موسى سليمان موسى (التدخل الدولي الانساني ومشروعية التدخل السوري في لبنان) ، رسالة ماجستير ، كلية القانون والسياسة ، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك ، 2007 ، ص41
(30) أنظر : أ/ موسى سليمان موسى (التدخل الدولي الانساني ومشروعية التدخل السوري في لبنان) ، رسالة ماجستير، كلية القانون والسياسة ، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك 2007 ، ص33
(31)  أنظر : أ/ موسى سليمان موسى (التدخل الدولي الانساني ومشروعية التدخل السوري في لبنان) ، رسالة ماجستير، كلية القانون والسياسة ، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك 2007 ، ص34
(32) أنظر :  قرار الجمعية العامة رقم2131 تاريخ 31 كانون الاول 1965 . انظر نصه في الملحق .
(33)  أنظر : أ/ موسى سليمان موسى (التدخل الدولي الانساني ومشروعية التدخل السوري في لبنان) ، رسالة ماجستير، كلية القانون والسياسة ، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك 2007 ، ص34
(34) أنظر :   القرار رقم 2625 تاريخ 24 تشرين الثاني 1970 . انظر نصه في الملحق .
(35) أنظر :   قرار الجمعية العامة A/RES/2734  تاريخ 16 كانون الاول 1970 .
(36) أنظر :   قرار الجمعية العامة رقم 3314 لعام 1974 . انظر نص الرار في الملحق .
(37) أنظر : أ/ موسى سليمان موسى (التدخل الدولي الانساني ومشروعية التدخل السوري في لبنان) ، رسالة ماجستير، كلية القانون والسياسة ، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك 2007 ، ص35
(38) أنظر :   القرار رقم 103 تاريخ 1977 .انظر نصه  في الملحق .



الفصل الثانى

دراسة تطبيقية لتدخل إيران فى الشئون الداخلية لبعض الدول
 العربية


وفقاً لما سبق يتضح أن التدخل فى الشئون الداخلية للدول عموماً غير مشروع دولياً تأسيساً على النصوص التى وردت فى المواثيق الدولية ، وما تبنته الأمم المتحدة فى قراراتها الصادرة عن الجمعية العمومية ، وما أستقر عليه العمل فى المنظمات الدولية ، والسوابق القضائية الصادرة عن المحاكم الدولية كمحكمة العدل الدولية ، ولاشك أن للفقه الدولى متمثلاً فى أراء كبار الفقهاء دوراً كبيراً فى منع التدخل فى العلاقات الدولية .

ولكن عند مقارنة التأصيل السابق ذكره فى الفصل الأول بما يحدث فى العلاقات بين الدول التى تتميز بدوريتها ، نجد من الصعب تطبيقه على ارض الواقع ، ذلك أن هناك فارق كبير بين التأصيل النظرى والواقع العملى ، ووفقاً لما سبق أن التدخل ليس نوعاً واحداً ، بل يختلف بحسب الزاوية التى ينظر منها ، والذى يعنينى فى هذا البحث التقسيم الذى يقسم التدخل إلى ، تدخل عسكرى ولا مجال للبحث فى هذا النوع لأنه يقترن بإستخدام القوة فى العلاقات الدولية والتى أصبحت غير مشروعة بصدور ميثاق الأمم المتحدة ولاسيما نص المادة 2/4 ، ولم يصبح التدخل العسكرى مشروعاً إلا من الأمم المتحدة فيما يسمى (التدخل الجماعى) وذلك وفقاً لما تراه الجماعة الدولية .

أما التدخل غيرالعسكرى فرغم أنه غير مشروع فى العلاقات الدولية ، إلا أنه ظل مثار جدل ذلك أن الدول لا تتساوى ، فمنها القوى والضعيف ، والغنى والفقير ، والمتقدم والدول النامية ،  وبناءاً على تلك المتغيرات يكون للدول الكبرى تأثيرغير محدود على الدول الأقل تقدماً بما يؤثر على العنصر الثابت وهو سيادة الدولة على أراضيها.

ومن التدخلات غيرالعسكرية والتى لوحظت فى الأونة الأخيرة تدخل دولة إيران فى الشئون الداخلية للدول العربية ، وقد تم رصد هذا التدخل منذ سقوط الملكية فى إيران عام 1979 والذى أستمر منذ عام 1929 تحت حكم الأسرة البهلوية ، وكان أخر ملوكها الملك محمد على بهلوى ، وتحولها إلى جمهورية ذات مرجعية دينية وفقاً 

المطلب الأول

أسباب التدخل الإيرانى


من خلال ما سبق فإنه يقتضى بيان أسباب التدخل الإيرانى أن يتم عرض التركيبة الديمغرافية للمجتمع الإيرانى الداخلى حتى نقف على جزء من الأسباب الاساسية للتدخل ، وذلك من خلال بيان أعداد الأديان والأعراق هنالك ، وذلك مع معرفة صعوبة هذا التحديد الدقيق لتعمد السلطات الإيرانية طمس البيانات الحقيقة .

يبلغ عدد 'سكان إيران' حاليا ما يقارب 73 مليون نسمة ، ربعهم تحت عمر 15 سنة. ويسكن معظمهم في جنوب بحر قزوين وفي شمال غرب إيران. أكبر مدن إيران هي طهران (10 مليون) ثم مشهد (2.5) ثم أصفهان (2.3) ثم تبريز (1.4) ثم شيراز (1.2).


التوزع العرقي في إيران (الخارطة غير دقيقة في التوزع المذهبي)

تحاول حكومة إيران عدم نشر إحصائية رسمية بالتوزع العرقي، بسبب سياستها القائمة على تفضيل العرق الفارسي، لكن تقديرات أميركية(1) (CIA World Factbook) هو كما يلي: فرس 51% وآذريين (أتراك) 24% وجيلاك ومازندرانيون 8% وأكراد 7% وعرب 3%، لور 2%، بلوش 2%، تركمان 2%، أعراق أخرى 1%. وهناك تقدير آخر: فرس 49%، آذريين (أتراك) 18%، أكراد 10%، جيلاك 6%، مازندرانيون 4%، عرب 2.4%، لور 4%، بختياري 1.9%، تركمان 1.6%، أرمن 0.7%(2).

لكن دراسة قام بها الباحث الإيراني يوسف عزيزي قالت أن العرب يشكلون أكثر من 7.7% من سكان إيران(3) ، منهم 3.5 مليون في محافظة خوزستان وما تبع لها (غالبهم شيعة ويتكلمون بلهجة أحوازية القريبة من اللهجة العراقية)، و 1.5 عرب في سواحل الخليج العربي خاصة لنجة (سنة يتكلمون لهجة خليجية)، و 0.5 مليون متفرقين. وهذا العدد طبعاً لا يتضمن اللاجئين والمنفيين من العراق. كما يقدر عدد أكراد إيران بنحو 10% من سكان إيران(4) .

أما التوزيع السكاني وفق إحصاء سنة 1399 هـ - 1979 م(5) :

    الفرس 63%
    الأتراك (الأذر والتركمان) 20%
    العرب 8%
    الأكراد 6%
    البلوش 2%
    جماعات أخرى 2%

اللغة

الفارسية هي اللغة الرسمية. إلا أن الآذرية (لهجة تركية) والكردية واللرِية والعربية تستعملها أقليات كل منها تفوق المليون عددا.

الديانة

يدين معظم الإيرانيين بالإسلام, ويتبع أغلبية كبيرة من السكان المذهب الشيعي الجعفري والمعروف أيضا بالمذهب الإمامي أو الإثنى عشري. ويأتي في المرتبة الثانية المذهب السني. ثم ديانات أخرى مثل البهائية واليهودية والزردشتية والمسيحية(6) .

تاريخياً كان أهل السنة (الشافعية والحنفية) الأكثرية في إيران(7) ، وكان الشيعة أقلية، محصورة في بعض المدن الإيرانية، مثل قم، وقاشان، ونيسابور، ولما وصل الشاه إسماعيل الصفوي إلى الحكم سنة 907 هـ أجبر أهل السنة على التشيع حين خيرهم بينه، وبين الموت. يقول الباحث العراقي د. علي الوردي متحدثاً عن حكم الصفويين لإيران والعراق: "يكفي أن نذكر هنا أن هذا الرجل (الشاه إسماعيل الصفوي) عمد إلى فرض التشيع على الإيرانيين بالقوة، وجعل شعاره سب الخلفاء الثلاثة. وكان شديد الحماس في ذلك سفاكاً لا يتردد أن يأمر بذبح كل من يخالف أمره أو لا يجاريه. قيل أن عدد قتلاه ناف على ألف ألف نفس"(9) ، أي مليون سني ، وانتشر المذهب الشيعي بالتدريج في وسط إيران بينما بقي أهل السنة في الأطراف.

ولا توجد إحصائيات رسمية بتوزع المذاهب في إيران، ولذلك فإن التقديرات تختلف كثيراً. ويمكن تصنيف المجموعات الدينية في إيران وفق التالي:

 الشيعة الإثني عشرية

وهم الغالبية، وأكثرهم من الفرس ثم من الأذريين. وهم منتشرين في جميع مناطق إيران ويقل تواجدهم في بلوشستان

السنة

تتضارب المعلومات بشأن الحجم الحقيقي للسنة في إيران : فالإحصاءات الشبه الرسمية لحكومة إيران تقول أنهم يشكلون 10 % من السكان. إلا أن بعض مصادر السنة تؤكد أنهم يشكلون 30%، وهو يوافق -كما يقولون- الإحصائية القديمة التي أجريت أثناء حكم الشاه. ومصادر مستقلة تقول أن السنة يشكلون من 15 إلى 20 % من سكان إيران(9) .

يتوزع السنة على أطراف إيران بعيداً عن المركز الذي تشيع أثناء الحكم الصفوي. أكثرهم من الأكراد (شافعية) والبلوش (حنفية) والتركمان (حنفية) والطوالش (الديلم، غرب بحر قزوين في محافظة غیلان ومحافظة اردبیل)، ثم يليهم العرب (خاصة في لنجة) وبعض الأذريين (حنفية نقشبندية). أما الفرس الشافعية فكثير منهم من في محافظة فارس وبعضهم في طهران. وأهل السنة يشكلون الغالبية في کردستان (من مدينة قصر شيرين شمال الأحواز إلى حدود أرمينية على طول حدود تركيا) وبلوشستان وبندر عباس والجزر الخليجية وبو شهر وتركمن صحرا (من بحر قزوين إلى حدود تركمانستان) وشرقي خراسان (تحدها من الشمال تركمانستان، ومن ناحية الشرق أفغانستان). كما يتواجدون كأقليات في كرمنشاه وخوزستان، ومناطق في محافظة لرستان(10) ، (11) ، إضافة لمن هاجر منهم للمدن الكبرى كطهران وأصفهان ومشهد.

المسيحيون

غالبيتهم الساحقة من الأرمن، وقد قل عددهم بشكل كبير بسبب هجرتهم للخارج، وهم متواجدين في شمال إيران في مازندران وجيلان كما إن لهم وجود في طهران. وهناك من القومية الاشورية أيضاً ويقدر عددهم 250000 سنة 1935 ولكن هاجر الكثير منهم للخارج وحالياً يقدرون 75000 وأغلبيتهم يسكنون في محافطة اورمي.

اليهود

لليهود صلات تاريخية قوية بإيران. لكن عددهم تناقص كثيراً بسبب الهجرة. ومع ذلك يعتبر يهود إيران أكبر تجمع يهودي في الشرق الأوسط خارج إسرائيل(12) ،  وعددهم مختلف عليه لكن الكثير من المصادر تشير إلى 25 ألف يهودي. وهو دين معترف به رسمياً.

الزردشتية

يقدر عدد الزردشتية بـ22 ألف(13) ، وهو دين معترف به رسمياً. ويلقى تشجيعاً رسمياً كبيراً حيث تم اعتباره أيام البهلوية رمزاً للقومية الإيرانية (14) ، ولهم مقعداً في البرلمان(15) ، ولكن الكثير منهم هاجر إلى الولايات المتحدة، وأصبح تواجدهم في إيران محصوراً على أقليات في مدينتي يزد وكرمان.

البهائية

يقدر عددهم بـ300 ألف ، وهو دين غير معترف به رسميا


الفرع الأول

الأساس الدينى للتدخل


من خلال عرض تركيبة السكان فى إيران من حيث الديانة ، نجد أن غالبية السكان يدينون بالإسلام وفقاً لمذهب الشيعة الإثنى عشرية  ، ومن ثم فالتدخل الإيرانى يجد أساسه فى إختلاف الدول العربية مع إيران من حيث العقيدة ، حيث أن عقيدة شعوب وقادة معظم الدول العربية هى الإسلام وفقاً لمذهب أهل السنة والجماعة ، لذا سيتم تأصيل عقيدة الشيعة حتى يتم التعرف على أساس الإختلاف .

الشيعة هو اسم يطلق على ثاني أكبر طائفة من المسلمين ، ويرى الشيعة أن علي بن أبي طالب هو ونسله من زوجته فاطمة بنت النبي محمد هم أئمة مفترضوا الطاعة بالنص السماوي وهم المرجع الرئيسي للمسلمين بعد وفاة النبي. ويطلقون عليه اسم الإمام الذي يجب اتباعه دون غيره طبقاً لأمر من النبي محمد في بعض الأحاديث مثل حديث بالثقلين المنقول عن النبي محمد والذي يستدلون به على غيرهم من خلال وجوده في بعض كتب بعض الطوائف الإسلامية التي تنكر الإمامه وهو كالتالي: (إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ; أحدهما أعظم من الآخر ; كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما)(1) .

أصل التسمية :

لفظ شيعة في الأساس من الفعل تشيع وهو الإتباع. وعلى مدار التاريخ الإسلامي أطلق لفظ شيعة على العديد من الحركات الإسلامية المجموعات مثل شيعة عثمان وشيعة معاوية وغيرهم ولكن لفظة الشيعة وحدها تعتبر علما لشيعة علي متبعيه. ويرى الشيعة بأن أصل التسمية ورد في حديث لمحمد بن عبد الله نبي الإسلام في حياته حيث سأله علي بن أبي طالب عن خير البرية فأجابه: «أنت وشيعتك»، وبهذة الرواية يعتقد الشيعة أن التشيع لم يظهر بعد وفاة محمد بل هو الإسلام الحقيقي الذي بعث به محمد. وقد ورد هذا الحديث بروايات مختلفة في كتب الشيعة وبعض المذاهب الإسلامية الأخرى(2) .

نشأة المذهب الشيعي :


يؤمن الشيعة أن التشيع هو الإسلام ذاته، ويتبناه الشيعة أنفسهم حيث يرون أن المذهب الشيعي أصلا لم يظهر بعد الإسلام ويعتقدون أنه الإسلام ذاته. ويرون أن المسلم التقي يجب أن يتشيع ويوالي علي بن أبي طالب، وبالتالي فإن التشيع هو ركن من أركان الإسلام الأصيل وضع أساسه النبي محمد نفسه على مدار حياته، وأكده قبل موته في يوم غدير خم عندما أعلن الولاية لعلي من بعده. كما يرون أن الطوائف الإسلامية الأخرى هي المستحدثة ووضعت أسسها من قبل الحكام والسلاطين وغيرهم من أجل الابتعاد عن الإسلام الذي أراده النبي محمد في الأصل.

يرى بعض المؤرخين أن بذرة التشيع بدأت بعد وفاة الرسول محمد حيث اجتمع الصحابة في سقيفة بني ساعدة لاختيار الخليفة في غياب وجوه بني هاشم أمثال علي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب اللذان كانا يجهزان النبي للدفن أثناء انعقاد السقيفة، وحسب المؤرخين فإن السقيفة انتهت باختيار أبو بكر بن أبي قحافة خليفة حسب إجماع من المجتمعين في السقيفة من المهاجرين والأنصار. بعد السقيفة بدأت مجموعة صغيرة من الصحابة منهم أبو ذر الغفاري وعمار بن ياسر والمقداد بن عمرو والزبير بن العوام تجتمع في بيت علي بن أبي طالب معترضة على اختيار أبو بكر،(3) ، ويعتبر الشيعة الصحابة الذين يرون أحقية علي بن ابي طالب هم أفضل الصحابة وأعظمهم قدرا(4) .

ويرى البعض انه بعد أن تطور الأمر في عهد عثمان بن عفان الخليفة الثالث حيث أدت بعض السياسات التي يقوم بها بعض عماله في الشام ومصر إلى سخط العامة وأعلن بعض الثائرين خروجهم على عثمان وبدؤوا ينادون بالثورة على عثمان، وبالرغم من أن علي بن أبي طالب نفسه حاول دفعهم عن الثورة وحاول أيضا من جهة أخرى تقديم النصح لعثمان بن عفان لإنقاذ هيبة الدولة الإسلامية إلا أن عثمان قتل في النهاية على يد الثائرين. وبعد ذلك اجمع المسلمون على الالتفاف حول علي بن أبي طالب يطلبون منه تولي الخلافة. وهنا يأخذ الفكر منعطفا جديدا حيث أن علي بن أبي طالب أصبح حاكما رسميا وشرعيا للأمة من قبل أغلب الناس.

ومع بداية الصراع بينه وبين الصحابة أمثال طلحة والزبير ومعاوية، بدأ يظهر مصطلح شيعة علي يبرز وهم أصحاب علي بن أبي طالب المؤيدين له ويرى أهل السنة أن تأييدهم انما بأمور السياسة[بحاجة لمصدر]، والذين ينظر إليهم الشيعة كمؤمنين بمبدأ إمامة علي، ومتبعين له من منطلق اعتقادي. ولكن بدأت في ظهور مجموعة في المقابل أطلقت على نفسها شيعة عثمان أعلنوا أنهم يطالبون بدم عثمان وقتل قتلته وتطور الأمر بهم ان أعلنوا رفضهم لخلافة علي بن أبي طالب الذي تباطئ في رأيهم في الثأر لعثمان. وعلى رأس شيعة عثمان كان معاوية بن ابي سفيان من جهة وعائشة زوجة النبي من جهة أخرى وبعد معارك مثل معركة الجمل ومعركة صفين وظهور حزب جديد هم الخوارج ومعركة النهروان. قتل علي بن أبي طالب على يد أحد الخوارج هو عبد الرحمن بن ملجم بسيف مسموم أثناء صلاة الفجر في مسجد الكوفة وقال جملته الشهيرة: "فزت ورب الكعبة"(5) (6) (7) .

كربلاء :

تعد معركة كربلاء منعطف هاما في تطور الفكر الشيعي حيث أن مأساة كربلاء واستشهاد الحسين بطريقة مأساوية مفزعة ألهبت مشاعر الشيعة وجعلت الأمر يتحول إلى اعتماد أسلوب الثورة على السلطة وإعلان الحسين شهيدهم رمز المظلوم.

فبعد معركة كربلاء نجد الفكر الشيعي يتحول في بعض نواحيه إلى فكر ثوري ويتحول الحسين إلى الشخصية التي يرى الشيعي فيها رمزا للمظلوم والغربة فتراهم يستخدمون دائما جملة (كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء).

طوائف الشيعة :

وفقاً لمؤرخي الشيعة فإن انقسام الشيعة لفرق وطوائف جاء بشكل متدرج والمعروف منها اليوم:

الإثنا عشرية أو الإمامية :

تؤمن الطائفة الإثناعشرية بأربعة عشر معصوم منهم إثنا عشر إماماً معصوما، ويعتقدون بأن محمد المهدي ابن الحسن العسكري وهو عندهم الإمام الثاني عشر هو المنتظر الموعود الذي غاب عن الأنظار ثم سيعود ليملأ اللأرض عدلا.

وتعتبر الطائفة الإثناعشرية أكبر الطوائف الشيعية من حيث عدد السكان، حيث يقدرعددها بحوالي 85% من الشيعة(8) ، وتحتوي إيران والعراق وأذربيجان على أكثر من ثلثي عدد الشيعة الإثناعشرية، ويرى بعض السنة والشيعة أن ذلك يعود لفترة الحكم الصفوي (1501م – 1736م)، حيث كانت إيران سنية المذهب طوال أكثر من ألف عام (9) ، ولم يكون فيها سوى أربع مدن شيعية وهي آوه وقاشان وسبزوان وقم ، وعقب وصول إسماعيل الصفوي للسلطة في إيران أعلن فرض المذهب الشيعي الإثناعشري مذهبا رسميا للدولة، « بالرغم من وصول الشيعة للسلطة عبر التاريخ الإسلامي (أي كالقرامطة والعبيديون والبوهيون)، حتى القرن السادس عشر ميلادية 1501م ووصول الحكم الصفوي للسلطة وفرضه للمذهب الشيعي الإثناعشري على مستوى الامبراطورية، مما أدى ذلك إلى تحول الشعوب في بلاد الفرس وأذربيجان وبعض الترك ليصبحوا من أتباع الطائفة الشيعية الإثناعشرية [10]».

وضع جعفر الصادق الفقه الشيعي ونشر تلاميذه بين الناس وتلقى العلم على يديه آلاف الطلبة واعتبره المسلمين عامة بمن فيهم أهل السنة من نجوم الأمة الإسلامية لذا يسمون بالجعفرية أيضا.

الإسماعيلية :

بعد وفاة الإمام جعفر الصادق التف الشيعة حول ولده موسى الكاظم ولكن أعلن بعض الشيعة أن الإمام كان إسماعيل بن جعفر الصادق وان مات في حياة أبيه فإن الإمامة في نسله ورفضوا إمامة موسى الكاظم. وظهر ثاني انقسام وهو ما يعرف بالطائفة الإسماعيلية. التي هي الأخرى حدث بها انشقاق إلى فرعين (نزارية – مستعلية) وما زالتا موجودتين إلى يومنا.

واشتهر الإسماعيليون بنشاطهم بل استطاعوا ولأول مرة بعد مقتل علي بن أبي طالب تأسيس دولة شيعية بخلافة شيعية يرأسها أئمة ظهروا بعد نجاح دعوتهم السرية قائلين إنهم من ذرية علي بن أبي طالب وهي الدولة الفاطمية.[11]

بدأت في شمال أفريقيا ووصلت إلى مصر وكانت العاصمة القاهرة في عهدهم من أكبر مدن العالم آنذاك.

يوجد الإسماعيلون بنجران جنوب المملكة العربية السعودية وفي الهند وغيرها من البلدان

 الزيدية :

بعد مقتل الحسين بن علي وبعد وفاة ابنه علي زين العابدين الذي كان له ولدان محوريان هما زيد بن علي ومحمد الباقر.

خرج زيد بن علي الأمويين والتف حوله جمع من الناس من الشيعة وغيرهم، ويقضي زيد أيضا أنفاسه الأخيرة بعد قصة مأساوية لا تختلف كثيرا عن قصة جده الحسين، وبعد وفاته تنفصل طائفة عن الشيعة لاترى الإمامة لمحمد الباقر الذي كان الشيعة يعتبرونه إمامهم حتى في حياة زيد وعرفت هذه الطائفة بالزيدية نسبة إلى زيد بن علي واختلفت هذه الطائفة الموجودة إلى يومنا عن باقي الشيعة انها رأت أن الإمامة ليست بالنص على شخص محدد وإنما الإمامة هي لأي شخص من نسل علي بن أبي طالب يخرج طالبا لها ويعتبر من ائمتهم يحيى بن زيد بن علي وأيضا محمد النفس الزكية وغيره.

هذا وتعتبر الزيديه قريبة من المذهب السني لاخذها بفقه المذهب الشافعي ، الذي يعد بدوره أقرب المذاهب السنية للشيعة.

 الشيعة في العصر الحاضر :

تعتبر الإثنا عشرية هي الطائفة الأكبر، وتليها الإسماعيلية، ثم الزيدية بنسب صغيرة ،  ويتراوح عدد الشيعة في العالم ما بين 154 و200 مليون نسمة، بنسبة 10% إلى 13% من إجمالي عدد المسلمين في العالم. يعيش منهم ما بين 116 و147 في قارة آسيا بما يعادل ثلاثة أرباع عدد المسلمين الشيعة الكلي. ويعيش الربع الباقي في شمال أفريقيا، ويتراوح عددهم ما بين 36 و44 مليون نسمة. يتركز معظم الشيعة -حوالي 68%:80%- في اربعة دول هي إيران (66:70 مليون)، وباكستان والهند والعراق وبهم قرابة 16 مليون نسمة مجتمعين(12) .

الأماكن المقدسة :

لدى الشيعة مدن ومزارات مقدسة تضم أضرحة أئمتهم وإن اتفقوا مع المذهب السني في مدن مثل مكة والمدينة المنورة والقدس وما فيهم من أماكن مقدسة كالكعبة والمسجد النبوي والمسجد الأقصى، لكنهم ينفردون بأماكن يقدسونها كأضرحة ومراقد أئمتهم ومعصوميهم وبعض المساجد الهامة مثل:

    كربلاء     : ويسمونها كربلاء المقدسة وبها قبر الحسين المعروف عندهم باسم الروضة الحسينية، ومرقد أبي الفضل العباس.
    النجف     : المسماه بالنجف الأشرف.
    قم: وبها مرقد السيدة فاطمة المعصومة، ومسجد جمكران.
    الكاظمية  : وفيها مرقد الإمام موسى بن جعفر(ع) الملقب بالكاظم وهو ابن الإمام جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع)
    سامراء   :وفيها مرقد الإمامين الملقبان بالعسكريين وهما علي الهادي بن محمد الجواد بن موسى الكاظم وابنه الحسن العسكري (ع)




الفرع الثانى

الأساس العرقى للتدخل


من المسلم به ضلوع إيران بكافة الفتن الطائفية التي حدثت وتحدث في الوطن العربي ، وسعيها لتغيير الهوية العربية في العراق والخليج بل وفي كافة ارجاء المنطقة واتباع سياسة "التفريس" في اقطار الخليج العربي من خلال الهجرة الإيرانية المنظمة وباعداد كبيرة لتلك البلدان والتي لا تختلف عن المشروع الصهيوني في خطورته خاصة وانها اعلنت اكثر من مرة عن أن لها الحق في التدخل في الشئون الداخلية للدول المجاورة العربية لها .

فالدولة الصفوية ترسل بعثات إلي الدول العربية والاسلامية وشاحنات من الكتب لنشر المذهب الشيعي الصفوي في محاولة لاعادة مجد الاجداد وإحياء الامبراطورية الفارسية القديمة تحت غطاء مذهبي ، وتحركهم احقاد قديمة تجاه العرب المسلمين الذين ازالوا المجد الفارسي ويذكر لنا التاريخ مئات الحركات الهدامة التي انطلقت من إيران ومنها البرامكة للتآمر علي العرب والمسلمين .

وقد أكد رئيس مكتب المنظمة الوطنية لتحرير الأحواز "حزم" بالقاهرة ، ومديرعام مجلة الأحواز العربية الدكتور عبدالصمد الشرقاوي أن النظام الإيراني يسعى لمحو الهوية العربية لشعبهم بكل ألوانها الثقافية والعلمية واللغة والدين والعقيدة والعادات الاجتماعية من عقول الشعب العربي، وأضاف في حواره لـ"الرسالة" أن دولة الأحواز العربية تمثل قوة اقتصادية وطاقة هائلة وباستقلالها ستتحول إيران إلى دولة فقيرة ، وطالب بضرورة أن تكون البوابة الشرقية العربية الممثلة في دولة الأحواز مؤمنة عربيًا وإذا لم يحدث الاستقلال فسيتجدد الحلم الإيراني بما يسمى بالخليج الفارسي ، مؤكدًا أن تحرير هذا الإقليم العربي سوف يحمي دولة البحرين خاصة ودول الخليج بشكل عام ، ويسهل أيضًا استرداد الجزر الإماراتية الثلاثة من قبضة الاحتلال الإيراني ، ولا بد أن يتطهر الخليج العربي كله من طغيان العنصرية الفارسية ، مشيرًا إلى أن الثورة التي تشهدها بلاده حاليًا تعد وقودًا حقيقيًا لتمرد السنة في داخل إيران على القمع والاضطهاد الفارسي س، موضحًا أن الشعب الأحوازي العربي يقاوم بشدة محاولات "فرسنة التعليم" ومحو الهوية العربية والإسلامية، وقال: إن ما يحدث حاليًا سيؤدي إلى توسيع الفجوة بين السنة والشيعة في العالم العربي والإسلامي .

وفى حديث مع الشيخ يوسف القرضاوي  في حوار خاص مع «الشرق الأوسط»  هاجم فيه المد الشيعي والمطامع والاحلام الايرانية مؤكدا ان "ايران بلد مطامع واحلام الامبراطورية الفارسية القديمة وكسرى والمسألة مخلوطة بنزعة فارسية مع نزعة شيعية مذهبية مع تعصب".

ووفقاً لهذه النزعة العرقية الفارسية تعتبر منطقة الخليج العربي ، منطقة حيوية ذات أهمية إستراتيجية كونها تمثّل دائرة التماس الأولى مع إيران والمدخل إلى البعد الإقليمي لاسيما باتجاه الوطن العربي ، ولذلك تسعى إيران للسيطرة على هذه البوابة سواءً بطريقة عسكرية مباشرة أو عبر نفوذها بطريقة غير مباشرة. ويعود السبب في ذلك أولا إلى نزعة الهيمنة والتوسع الإيرانية وثانيا إلى ضعف هذه المنطقة التي تعتبر خاصرة رخوة إذا صح التعبير. فالكتل المحيطة بإيران تحدّ من طموحاتها نظرا لموازاتها في القوّة أو تفوقها عليها في كثير من الأحيان كالكتلة التركية غربا والكتلة الباكستانية والأفغانية شرقا والكتلة الروسية شمالا، وعليه فالممر الوحيد لممارسة النفوذ الإيراني والنزعة التوسعيّة يقع دائما باتجاه العراق ومنطقة الخليج العربي التي تعتبر المجال الحيوي لإيران، ومن مظاهرها:

1- احتلال الجزر العربية الإماراتية: وهو مظهر من مظاهر السيطرة المباشرة وفيه احتلت إيران الجزر الثلاث على مراحل زمنية وتعمل على تطبيق سياسية الأمر الواقع من ناحية طرد السكان واستبدالهم وتعزيز الاستطيان. يتجاهل كثير من المتعاطفين مع إيران من العرب هذه المسالة وهو مؤشر خطير على خلل أخلاقي بنيوي لدى هؤلاء، فالاحتلال واحد وليس هناك احتلال جيد وآخر سيء واحتلال مقبول وآخر غير مقبول. كما أنّ الاحتلال لا يتعلق بالحجم، فمن يقبل باحتلال متر من أراضيه يقبل باحتلالها كلها، وفي هذا لا تختلف إيران عن إسرائيل كدولة محتلة ومعتدية.

2- احتلال أراضي عراقية: أطماع إيران في العراق لا متناهية وهي ترى في نفوذها المستجد بعد الحرب الأمريكية بدافع إسرائيلي على العراق، نفوذا مشروعا ومستحقا من بوابة التاريخ والجغرافيا والمذهب. وقد قامت العام الماضي باحتلال جزيرة أم الرصاص وطالبت رسميا بضم ميناء “خور العمية العراقي” إلى مياهها وسيادتها الإقليمية إضافة إلى ضم حوالي 100 دونم سنويا من الأراضي العراقية في شط العرب إلى السيادة الإيرانية مستغلة الانهيار العراقي وغياب الدولة وهو ما جسّدته رسالة باحتلال منطقة بئر فكّة قبل أشهر مدّعية أنّ الأمر مجرد نزاع حدودي.

3- المطالبة بالبحرين: ويلاحظ في هذا الإطار أنّ النظام الإسلامي ذهب في التطرف القومي والنزعة التوسعية ابعد مما ذهب إليه نظام الشاه. بل أنّ العديد من المسؤولين الإيرانيين الرفيعي المستوى اعتبروا أنّ الشاه خان إيران بتنازله عن البحرين. ولا يكف الرسميون عن التذكير دوما بذلك بين فترة وأخرى، ومن هؤلاء “حسين شريعتمداري” مستشار المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، ومدير تحرير صحيفة “كيهان” شبه الرسمية، الذي يعتبر “أنّ البحرين جزء من الأراضي الإيرانية، وان المطلب الأساسي للشعب البحريني حاليا هو إعادة هذه المحافظة إلى الوطن الأم والأصلي” أي إيران الإسلامية!. ومثله “علي أكبر ناطق نوري” عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام والرئيس السابق لمجلس الشورى الذي يرى “أن مملكة البحرين تابعة تاريخيا لبلاد فارس، وأنها الولاية 14 من إيران”. وتعكس هذه المواقف الرسمية المتكررة عقلية الهيمنة الإيرانية وعقدة التاريخ الشبيهة بالعقدة الإسرائيلية التي تبني عليها مطالبها التوسعية دوما.

4- تسمية الخليج بـ”الفارسي”: ويمثّل ذلك عقدة راسخة تظهر من خلالها الغرائز القومية في مقابل الحس الديني لدى الجمهورية الإسلامية وقادتها، لدرجة انّه قد تمّ اقتراح تسمية الخليج باسم “الخليج الإسلامي” لكن إيران رفضت الاسم مصرّة على “الفارسي”، حتى أنّ الرئيس نجاد لا يكف عن تكرار أن تسميته بالخليج العربي هو مؤامرة “صهيونية”. ويجد رغم ذلك من العرب من يصفق له!

لقد غيّرت دول الخليج العربي تسمية التجمّع الذي يضم دولها بهدوء ودون ضوضاء إعلامية ليصبح الاسم الرسمي حاليا “مجلس التعاون لدول الخليج العربية” في إشارة إلى عدم وجود حساسية عربية تجاه اسم الخليج على الرغم من المطالبة به. في المقابل لا تفوت إيران فرصة الاّ وتشدد على فارسية الخليج وقد سنت لهذا الغرض يوما وطنيا للاحتفال بـ”الخليج الفارسي” وقدم “جعفر محمدي” وهو رئيس تحرير موقع “عصر إيران” المتشدد اقتراحا لمجلس للبرلمان الإيراني قبل أيام لإنشاء إقليم باسم “الخليج الفارسي” يتكون من الجزر الإيرانية في الخليج، بالإضافة إلى الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة، ردا على ما يقول أنّها “أطماع إماراتية” بالجزر الإيرانية.

5- التدخل في الدول المجاورة: وهو يأتي من منطلقات النزعة إلى السيطرة والهيمنة التي تحدثنا عنها ويتجه دوما باتجاه الكتلة الضعيفة إقليميا والمتمثلة في النطاق العربي، ويقوم ذلك على اختراق هذه الدول من الناحية السياسية عن طريق الاستثمار في الشرخ العامودي بين الشعوب والأنظمة من جهة، ومن الناحية المذهبية عن طريق الاستثمار في الشرخ الأفقي في الفتن السنيّة-الشيعية بين الشعب الواحد من جهة أخرى، وذلك على الرغم من الادعاء الدائم بان هذه الفتن هي من صنع الآخر. لكن الحقيقة تشير إلى أنّ هذه الفتن لم تكن موجودة في العصر الحديث قبل ولادة الجمهورية الإسلامية. ولم تنج أي دولة عربية من التدخلات الإيرانية في هذا النطاق من العراق ودول مجلس التعاون واليمن مرورا بلبنان وفلسطين وليس انتهاءً بمصر والمغرب وصولا إلى موريتانيا.


المطلب الثانى

أشكال التدخل


1- التدخل الايرانى فى البحرين :-


إن الموقع الإقليمي للبحرين الواقع بين عدة قوى متناحرة تمثل أيديولوجيات مختلفة يمثل إشكالية معقدة ؛ فمن جهة هناك إيران الشيعية التي تتبع ولاية الفقيه، والتي تسعى لامتلاك ترسانة نووية، والتي تصنف من الدول المعادية لسياسة أميركا ودول أوروبا، وفي الجهة الأخرى السعودية السنّية الموالية لأميركا والتي تخضع لها معظم دول الخليج، وهناك أيضًا الولايات المتحدة الأميركية التي تمتلك قاعدة عسكرية في البحرين، وكذلك بريطانيا التي كانت سابقا تدير شؤون البحرين تحت مسمى الحماية أو الوصاية البريطانية على البحرين، وتنازُع هذه القوى تاريخيا على البحرين، ومحاولتها بسط نفوذها عليها، والصورة التي تريد أن تبرزها للعالم اليوم عن سياستها الخارجية والداخلية هي التي لعبت دورا في تحديد موقفها من الحكومة البحرينية والمعارضة، بل وتؤثر أيضا في السياسة البحرينية والخليجية بشكل عام. ويبدو من المفيد التذكير بأنه في عام 1970م، وعندما قررت بريطانيا الانسحاب من البحرين بعدما كانت مستعمرة تابعة لها، طلبت إيران من الأمم المتحدة إجراء استفتاء في البحرين للوقوف على رأي الشعب البحريني في العودة إلى إيران أو الاستقلال باعتبار أن البحرين كانت مستعمرة إيرانية قبل أن تستعمرها بريطانيا؛ فكانت نتيجة استفتاء الشعب البحريني هي الاستقلال وعدم الانضمام إلى إيران.

لا شك أن السياسة الداخلية البحرينية تؤثر فيها تدخلات عدة أطراف خارجية تحاول حماية مصالحها، وبسط نفوذها. وفي هذا الصدد يقول عالم السياسة الأميركي جورج فريدمان: "من الواضح أن لإيران اهتمامًا بزعزعة النظام البحريني، لكن من غير الواضح إلى أي مدى تتدخّل هناك، لكن المعروف أن لها تأثيرًا كبيرًا على رجل الدين حسن مشيمع الذي كان يعيش في لندن ، وعاد إلى البحرين مُؤخرًا، للمشاركة في الاحتجاجات"؛ حيث إن أطماع إيران في فرض سيطرتها على هذه المنطقة أمر لاشك فيه خصوصا بعد تصريحات حسين شريعتمداري مستشار مرشد الثورة الإيرانية في عدة مقالات له عام 2009م بصحيفة كيهان الإيرانية والذي ادعى فيها أن البحرين هي: (جزء من إيران، وأنها اقتُطعت بالقوة من الجسد الإيراني، وأن الشعب البحريني يطالب بإعادة البحرين لتكون جزءًا من إيران).

إن سياسة إيران الخارجية فيما يتعلق ببسط نفوذها في المنطقة أمر لاشك فيه ، ويشكّل احتلال إيران للجزر الإماراتية (طنب الصغرى والكبرى وأبو موسى) أكبر دليل على ذلك، بل ويتجلّى موقف إيران واضحا في إعلامها الموجّه سياسيًّا ؛ ففي حين غطّت قناة العالم الإيرانية الأحداث في البحرين شاجبة الموقف الحكومي والعنف الذي يتعرض له المتظاهرون فإنها تتجاهل في صمت مطبق ما يحدث في سوريا اليوم من تنكيل وقتل للمتظاهرين والمحسوبين على المعارضة بسبب علاقتها الودية مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد ، أما فيما يخص علاقة المعارضة بإيران وحكومة ولاية الفقيه فيها وهي التهم التي توجهها الحكومة البحرينية لقيادات المعارضة، فإن ذلك يبدو أمرا غير دقيق وذلك لأن المعارضة لا تحمل صبغة طائفية أو مذهبية موحدة فضلا عن دينية بحتة ؛ فالمعارضة كانت تنبثق من عدة توجهات وتيارات سياسية متنوعة ، منها اليسارية العلمانية، والعروبية التقدمية إلى جانب التيار الإسلامي ، وفي مواجهة هذه الاتهامات نفت المعارضة أي صلات لها بإيران أو بحزب الله اللبناني، وطالب زعيم المعارضة الشيعية في البحرين الشيخ علي سلمان رئيس جمعية الوفاق إيران بعدم التدخل في الشأن البحريني الداخلي، كما طالب السعودية بسحب قوات درع الجزيرة ، وقال: إن المعارضة لا تريد نظام ولاية الفقيه ، ولا تريد إقامة دولة دينية ، بل دولة مدنية ينتخب فيها الشعب حكومته.

2- التدخل الايرانى فى السعودية :-

مع بداية قيام الثورة الخمينية في إيران وتوليها الحكم في عام 1398 هجري وضع عدو الله الهالك الخميني خطة خمسينية لسيطرة الشيعية على بلاد الحرمين وتخليص الأماكن المقدسة "مكة والمدينة" من أيدي "أهل السنة" الحكومة السعودية ليكون بعدها من يمثل الإسلام هو الدين الشيعي وليس الدين الإسلامي السني ثم بعدها تسقط باقي بلاد أهل السنة لهم بالتبعية عقائدياَ وسياسياَ لن أتطرق في موضوعي هذا عن تفاصيل تلك الخطة الشيعية الخمسينية فهي خطة من عدة خطوات خطيرة ذات مراحل زمنية ولها تفاصيل دقيقة ، ولكنني سوف أتطرق لبند واحد من بنودها ألا وهو محاولة الشيعة زعزعة الأمن في بلاد الحرمين وخاصة في الأماكن المقدسة منها وذلك للتالي :

1. أظهار الحكومة السعودية ( السنية ) على أنها غير قادرة على تولي شؤون الحج والحجاج.
2. أحداث الفتن والقلائل في بلاد الحرمين.
3. زعزعة الأمن في بلاد الحرمين ؛ لذلك أوعز النظام الإيراني لأتباعه الشيعة بالقيام بـالفتن والمؤامرات والثورة والمظاهرات والتفجيرات في بلاد الحرمين مما أدى إلى العديد من الأحداث الإجرامية.


 مهاجمة طائرات حربية إيرانية للأراضي السعودية عام 1984 :-

ففي عام 1980 توجهت طائرتان حربية إيراني من إيران إلى مدينة الجبيل الصناعية لقصف وضرب المنشآت الحيوية فيها "مصنع بترو كيماويات" وقام القوات الجوية (الصقور السعودية) بأسقاط طائرة واحده فيما لاذت الأخرى بالفرار.


محاولة الشيعة الإيرانيين تفجير الحرم المكي عام 1986 :-

ففي حج عام 1986 حطت طائرة حجاج إيرانية وعندما تم تفتيش العفش لديهم من قبل رجال الجمارك تبين أن جميع ركابها يخبئون في قاعدة حقائبهم مادة متفجرة شديدة الانفجار وبعد التحقيق معهم اعترفوا أنهم كانوا يريدون تفجير الكعبة والحرم بكامله

كان الهدف من هذي الاعمال التخريبية ترويع الامنين لكي تظهر المملكة بأنها لاتستطيع ادارة الأماكن المقدسة ، وهذه الجريمة لم يتم الكشف عنها الا بعد احداث 1987
محاولة من المملكة لتهدئة الاجواء لكن يبدو ان النظام الايراني واعوانه يعشقون ارتكاب الجرائم في مواسم الحج
وقد أعلن حفيد الخميني السيد حسين الخميني في حديثه مع صحيفة الزمان العراقية الذي نشرت منه مقتطفات ، كشف أنه كان هناك قرار إيراني سري بتهيئة الأجواء لإيقاف الحرب ، ولهذا الغرض تم التخطيط لعدد من الإجراءات لصرف الأنظار وتوجيهها بعيدا عن العراق والحرب ، فعمدوا إلي إرسال مواد متفجرة إلي السعودية ، وإلي مكة المكرمة تحديدا [نحو خمسمائة كيلو غرام من هذه المواد بإخفائها في حقائب الحجاج من دون علمهم في كل حقيبة نصف كيلوجرام TNT ، وذلك لتفجير دار الحجاج الإيرانيين في مكة المكرمة
وأضاف: وقتها كلفت برئاسة بعثة الحج الإيرانية ، ولكن تم اكتشاف المتفجرات في مطار جدة وأحبط المخطط ، وقال في عام 1987 أعيدت الكرة بنحو آخر عندما قام الحجاج الإيرانيون بإحداث  قلاقل في مكة المكرمة وحدثت المجزرة المعروفة.
وفي سعيه للترشح للرئاسة الايرانية اتهم "خروبي"  المخابرات الايرانية بانها كانت وراء خطة هجوم على مكة المكرمة عام 1986م .. وأنها كانت السبب في مقتل حوالي 500 إيراني في الاضطرابات التي حدثت في مكة أيضا عام 1987م
وأشار إلى انه كان ممثلا عن الحجاج الإيرانيين عام 1985م وأقاموا عددا من الأحداث في مكة والمدينة .. ولكن في عام 1986م لاحظنا احتجاز إحدى طائراتنا والتي تحمل حوالي 110 حاجا إيرانيا .. وبعد التقصي اكتشفنا أن عددا من الأجهزة الإيرانية قد تعاونت مع من كانوا ينوون شن هجمات في مكة المكرمة وقاموا بتزويدهم بالمتفجرات .. وبعد ذلك قامت السلطات السعودية باحتجاز هؤلاء الأشخاص .. وأبلغتني كوني ممثلا ومسؤولا عن الحجاج الإيرانيين بأنهم سيحتجزون هؤلاء الذين قاموا بهذا العمل الغير شرعي .. وإنني يجب أن استمر في عملي وأنهم سوف يتعاملون مع هؤلاء الأشخاص  وأضاف بأن من خطط لهذا العمل هم الآن من مناصري أمريكا ، وأنهم عملوا في السابق من أجل الإساءة للعائلة السعودية الحاكمة مضحين بالمصلحة الإيرانية الوطنية من أجل عقيدتهم المتصلبة .
 محاولة الحجاج الإيرانيين الإستيلاء على الحرم المكى فى عام 1987 :-

في عام 1987 قام أفراد من حزب الله السعودي الشيعي بالتعاون مع الحرس الثوري الإيراني والتنسيق مع الحجاج الإيرانيين بالقيام بمظاهرات في موسم الحج قصدوا منها قتل الحجاج وتدمير الممتلكات وإظهار الحكومة السعودية ( السنية ) على أنها حكومة غير قادرة على تولي شؤون الحج والحجاج .
وفي ذلك العام كان الإيرانيون يخططون للاستيلاء على البيت الحرام و السيطرة على فرع وزارة الحج الموجود فرعها في البيت الحرام ، ثم يستولوا على مكبرات الصوت و يهتفون ضد أمريكا و إسرائيل و يهتفون بزعمائهم ، و ضد صدام و الملوك ، ويطردون أئمة الحرم ويحلون محلهم ، و قد وقعت اشتباكات بين الإيرانيين والشرطة السعودية ، سقط فيها ما يقرب من 500 قتيل جلهم من مثيري الشغب الإيرانيين ،ومنهم حوالي 100 من السعوديين وغيرهم من الحجاج ، فعندما تصدت لمسيرتهم الهائلة الشرطة السعودية ومنعتهم من التقدم لاحتلال الحرم  إشتبكوا مع رجال الشرطة و أقدموا على إضرام النيران في المحلات التجارية والتنكيل ببعض السعوديين وإعدامهم ثم تعليقهم في أعمدة الإنارة ، وضبطت عندهم أنواع  من الأسلحة بعضها تم سلبها من رجال الشرطة ، وكذلك عددا هائلا من الأسلحة البيضاء مثل السيوف و السكاكين و السواطر و السلاسل ، مما أظهر بجلاء أن الإيرانيين كانوا قد خططوا لتلك الفتنة و أقدموا عليها عن سبق إصرار قصد الاستيلاء على الحرم المكي ، وهذا ما أخذ الإيرانيون يعترفون به اليوم كما اعترف به وقتها الذين ألقي القبض عليهم .

إحتلال السفارة السعودية في طهران عام 1987 :-

في 1987 ، وبعد احداث موسم حج ذات العام مباشرة هاجمت مجموعة كبيرة من الايرانيين مقر سفارة المملكة في طهران وقامت باحتلالها واحتجاز الدبلوماسيين السعوديين بداخلها ومن ثم الاعتداء عليهم من قبل بعض المجموعات.

وكان القنصل السعودي في طهران رضا عبدالمحسن النزهة من بين الذين تعرضوا للاعتداء بالضرب اثناء قدومه من دبي الى طهران وقد أدى الاعتداء عليه الى اصابته بشرخ في القرنية بعد تهشم نظارته بفعل الاعتداء ما استدعى اخضاعه بقرار من الاطباء لعملية جراحية بيد ان رجال الحرس الثوري قاموا بإخراجه من المستشفى قبل العملية بساعة واحدة وساقوه الى السجن ليحتجز بعد ذلك في السجن لمدة اربع وعشرين ساعة ثم اطلق سراحه بعد مفاوضات بين المملكة وايران ، كما تعرض ابنا القائم بالاعمال السعودية في طهران الى الضرب ما مما أستوجب نقلهم إلى المستشفى ، وتأتي تفاصيل الاقتحام بأن تم تنفيذ الاعتداء على ثلاث مراحل في الثامنة إلا ربعاً ، والثامنة وأربعين دقيقة، والتاسعة وخمس وثلاثين دقيقة ، حيث قامت مجموعة كبيرة بلغت اعدادها الآلاف برشق السفارة بالحجارة والعصي ، ثم تمكنوا من الدخول الى فناء السفارة ، واحرقوا ثلاثاً من سيارات السفارة بعد تحطيمها بالكامل ، واقتحموا بعد ذلك المكاتب ، واتلفوا غرفة الاتصالات والتلكس وعبثوا بأوراقها واضرموا النيران في اثاث السفارة ، بعد تحطيم نوافذها وابوابها ، وقاموا بضرب الدبلوماسيين الموجودين داخلها ، ثم قاموا بخطفهم إلى جهات مجهولة لمدة اربع وعشرين ساعة ، واطلق سراحهم بعد ذلك بناء على المفاوضات بين الحكومتين ، وقد نقل احد الدبلوماسيين وهو مساعد الغامدي الى المستشفى لاصابته بكسور في ساقه وصدمة نفسية شديدة وتوفي الغامدي بعد نقله الى المملكة متأثراً بإصابته ، وتم تشميع السفارة السعودية في طهران بواسطة الحرس الثوري ، بعد ان ازيل العلم السعودي، ورفع العلم الإيراني بدلاً عنه.

وكانت قد نشرت "جريدة عكاظ" في عددها 701 بتاريخ 10/12/1407هـ عن المؤامرة الإيرانية على المقدَّسات، وأن خطة الإيرانيين كانت كما يلي:

أوَّلاً   :        إغلاق أبواب الحرم ومنافذه على المصلِّين من الحجاج والمواطنين كخطوة أولى.
ثانيًا:          المناداة بالخميني إمامًا مقدَّسًا - حسب تعبيرهم - على المسلمين.
ثالثًا:          إرغام الحجاج والمصلِّين على مبايعة رؤوس المؤامرة نيابةً عن الخميني.
رابعًا   :      إعلان مدينة "قم الإيرانية" بلدًا مقدَّسًا يَحُجُّ إليه الجميع بدلاً من مكة المكرمة والمدينة المنورة وسائر المقدسات.
خامسًا : قتل إمام الحرم المكي الشريف وأيَّ عناصر تقاوم هذا الإجراء وتحول دون استمرارهم في المؤامرة.
سادسًا  :    حرق أجزاء من الكعبة المشرفة إمعانًا في الإهانة للأمَّة الإسلامية، وإلحاق الأذى بكرامة المسلمين، وصرف المسلمين إلى غير الكعبة المشرَّفة.

 تفجيرات مكة المكرمة على يد شيعة الكويت بالتعاون مع شيعة السعودية عام 1989 :-

ففي عام  1989‍، قامت مجموعة من شيعة الكويت، ومنهم شخص من شيعة السعودية من الإحساء يدعى عبد العزيز شمس وجميعهم منتسبون إلى منظمة تسمى (السائرون على خط الإمام الخميني) والمتفرعة من (حزب الله)، بتفجيرات بمكة المكرمة شرفها اهلي تعالى وحرسها، في موسم الحج لعام 1409ه‍، بجوار بيت الله المعظم، بعد أن تم تسليم المواد المتفجرة لهؤلاء الجناة، من قبل مسؤول السفارة الإيرانية في دولة الكويت، وأسمه محمد رضا غلوم ونتج عن هذه التفجيرات، قتل وجرح العديد من حجاج بيت الله الحرام وتم إلقاء القبض عليهم جميعا.


3- التدخل الإيرانى فى العراق :-

يعد التدخل الإيرانى فى الشأن الداخلى العراقى من أكثر مظاهر التدخل الإيرانى خطورة ، ولعل هذا التدخل يتأرخ منذ زمن غير قريب ، ويأتى ازدياد التدخل نتيجة لتقارب الحدود المشتركة فضلاً عن أن جزء كبير من الشعب العراقى يدين بالمذهب الشيعى ، وذلك يؤدى إلى قيام هؤلاء بمساعدة دولة ولاية الفقيه ، وما غير ذلك من أسباب تتضافر جميعها لتولد تدخل ايرانى بغيض فى العراق .

فبعد نهاية الحرب وإعلان العراق بلدا محتلا من قبل الولايات المتحدة ، لم تجد إيران بأسا في القبول بتعامل ودي مع الوضع الجديد ، فقد كان كمال خرازي أول وزير خارجية أجنبي يزور بغداد تحت الاحتلال ، ومع الوقت بدأت السفارة الإيرانية في العراق تتحول إلى مركز نشاط استخباري وسياسي متعدد المحاور والوجوه ، ودبّ النشاط في كل دوائرها لمواكبة التطورات المتسارعة في (عراق أمريكا ) سعيا لتحويله إلى (عراق إيران) .

ويبدو أنّ أمريكا لم تكن لتكترث لمساعي إيران في تحويل الإنجازات الأمريكية لصالحها ، طالما كانت تعتقد بأنّ المرحلة اللاحقة للمشروع الأمريكي ستكون إيران بالذات ، وطالما كانت تفترض أنّ إيران لم تكن لتفكر بإثارة المشاكل أمام الأمريكان ، وطالما ظلت أمريكا على يقين بأنّ (الإرهاب ) الذي تواجهه لم يكن إرهابا شيعيا مدعوما من إيران ، وإنّما هناك مصلحة مشتركة للطرفين في مواجهة النشاط المسلح المعادي للأمريكان .

ولم يبد المسؤولون في قوات الاحتلال قلقا من دخول (10000) إيراني إلى العراق خلال الأشهر الأولى للاحتلال ، فالحدود لم تكن مراقبة من طرف (قوات التحالف) ، رغم أنّ الأمريكيين كانوا قد وعدوا بمنع أي تسلل منها وقالت( إيلاف) ، إنّ مسؤولا كبيرا في وزارة الدفاع العراقية ، أجابها على سؤال عن أسباب عدم السيطرة على الحدود مع إيران ، قال بأنّ قوات فيلق بدر التابعة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية والذي لديه ( 100000 ) عنصر تدربوا في إيران ، ويشكلون العمود الفقري للجيش العراقي الجديد ، هم المكلفون بحماية الحدود المشتركة، وهكذا يكون من المستحيل أن يتحرك فيلق بدر خلافا لتاريخ ارتباطاته .

ومن أجل أنْ يحكم الإيرانيون سيطرتهم على مقاليد الأمور في العراق فقد اتخذ مرشد الجمهورية الإيرانية علي خامنئي قرارا مبكرا بفتح مكتب له في النجف وأسند رئاسته إلى الشيخ محمد مهدي آصفي ، والآصفي إيراني الأصل وهو أحد مؤسسي حزب الدعوة الإسلامية في العراق ، وهرب إلى إيران بعد إعدام محمد باقر الصدر عام 1980، ومن هناك قاد تيارا داعما لولاية الفقيه ، وأسس في قم مجمع ( أهل البيت العالمي ) وتموْل الحكومة الإيرانية ومكتب خامنئي نشاطات المجمع ، ويبدو أنّ الآصفي الذي نقل نشاطه إلى النجف يتولى تقديم دعم خاص للتيار الصدري وذراعه العسكري (جيش المهدي ) ،فقد اعترف عدد من معتقلي جيش المهدي من الذين تم إلقاء القبض عليهم بعد أحداث النجف عام 2004 بأنّهم تلقوا أموالا من مكتب علي خامنئي في النجف ، وكانت أوساط عراقية عليمة قد أكدت أنّ أعدادا كبيرة من حراس الثورة انتقلوا إلى العراق وفقا لأوامر عليا للإشراف على تدريب جيش المهدي ،وبهذا استكملت إيران قنوات اتصالها مع القوة التي بدأت تتحول إلى أكبر الفصائل الشيعية المرتبطة بها ، وهي جيش المهدي ولعلّ أول من تنبه إلى خطورة الدور الإيراني في العراق من مسؤولي الحكومة الجديدة ، هو اللواء محمد عبد الله الشهواني مدير جهاز المخابرات الجديد ، الذي اتهم (منظمة بدر) بالعمل لحساب المخابرات الإيرانية ، التي اتخذت لها مكتبا في مبنى السفارة لإيرانية في بغداد ، ونتيجة لذلك الاتهام تعرض الشهواني نفسه لسلسلة من الاتهامات المقابلة وصلت حد المطالبة بعزله عن منصبه ، بدلا من تقديم الدليل على عدم صحة ما أورده .

كما أنّ عشرات الآلاف من الإيرانيين يتم تجنيسهم سنويا ، بعد أنْ نجحت عمليات إتلاف السجلات الرسمية إمّا بحرائق متعمدة ، أو بدفع رشاوى طائلة ، واستخراج وثائق مزورة لهم ، وهؤلاء يتم تجنيدهم في مرحلة تأكيد الولاء لخطة العمل المرسومة ، للقيام بما يطلب منهم ، بما في ذلك العمليات القذرة ، من قبيل المشاركة في الخطف والتعذيب وبأساليب لم يعرف العراقيون لها مثيلا من قبل ، على كثرة ما مرّ بهم من مآس وويلات ،ثم قتلهم وإلقاء جثثهم في المزابل ، أو من قبيل مهاجمة الأحياء السكنية أو المساجد.

وهذه التطورات طفت على السطح بعد تفجير القبة الذهبية للروضة العسكرية في سامراء في22/2/2006 ولكنّها من حيث الإعداد لم تكن بنت لحظتها ، بل تم التحضير لها طويلا وخاصة عندما تسلم باقر صولاغ وزارة الداخلية في حكومة إبراهيم الجعفري ، إذ أنّه دمج عشرات الآلاف من مليشيات بدر وجيش المهدي في الأجهزة الأمنية ، فأصبحوا أدوات لتنفيذ واجبات مليشياتية ذات أجندة إيرانية ، بدلا من حفظ الأمن على أسس مهنية تخدم المشروع الوطني العراقي .

ولعلّ التقرير الذي أصدرته منظمة ( مجاهدي خلق) الإيرانية المعارضة ، والذي احتوى على قائمة بأسماء حوالي اثنين وثلاثين ألفا من أفراد المليشيات بأسمائهم الإيرانية الأصلية والعراقية المؤقتة والأسماء الحركية والمرتبات الشهرية لكل واحد منهم ، ممن تم إرسالهم إلى العراق ، ما يعزز القناعة بحجم التدخل الإيراني الكبير في العراق حاليا ، ويبدو أنّ ذلك هو الذي دفع بالولايات المتحدة للتحرك بعد فوات الأوان للحد من هذا النشاط الخارج على كل الضوابط ، فقد بدأت الإدارة الأمريكية تتحدث عن تدخل مؤكد من إيران في الشأن العراقي ، ولكنّها كانت على الدوام تحاول حصره في نطاق الحرس الثوري ، أي أنّها تعفي الحكومة الإيرانية من مسؤولية ما يقع ، وبدأت لغة الاتهامات الأمريكية تأخذ طابعا تفصيليا ، وذلك بسرد نوعيات الأسلحة والعبوات الشديدة الانفجار ، والمستخدمة ضد أرتال الدروع الأمريكية ، وتوقع بها خسائر كبيرة ، ودون سابق إنذار داهمت قوات أمريكية مقرا لعبد العزيز الحكيم واعتقلت فيه مسؤولين إيرانيين ، قال جلال الطالباني إنّهما من خبراء الأمن جاءا إلى العراق بدعوة منه أثناء آخر زيارة له إلى إيران ، غير أنّ الحكومة الإيرانية ومكتب الحكيم ، أكدا في بيانين منفصلين أنّ الرجلين دبلوماسيان ، وطلبت الأطراف الثلاثة بإطلاق سراحهما ، وهذا ما تم فعلا ، ولكنْ على ما ظهر لاحقا ، بعد الحصول منهما على معلومات غاية في الأهمية ، ساعدت في وقت لاحق على رصد نشاط غير عادي في مبنى القنصلية الإيرانية في أربيل ، فتمت مداهمته في 11/1/2007 واعتقال خمسة من ضباط استخبارات حرس الثورة الإيرانية ، وحينها أعلن نوري المالكي بأنّ القوات الأمريكية ستطلق سراحهم في غضون أربع وعشرين ساعة ، ومضت المدة المحددة بل ومضت عدة شهور وما زال ضباط حرس الثورة رهن الحجز وأدت التحقيقات معهم على ما ذكر مسؤولون أمريكيون إلى كشف المزيد من تفاصيل التدخل الإيراني في العراق ، وبعد طول إصرار على النفي ، اضطر موفق الربيعي مستشار الأمن الوطني العراقي ، إلى الاعتراف بالتدخل الإيراني ، ولكنّه في تصريح له لشبكة CNN في 25/ 2 /2007 قال بأنّ إيران أوقفت ما أسماه بدعمها للمليشيات الشيعية بالسلاح ، واعترف الربيعي بأنّ هناك أدلة على أنّ إيران كانت تقدم هذا الدعم ، ويبدو أنّ هذا الاعتراف المتأخر ما كان ليتحقق لولا أنّ الأمريكيين لم يعد بوسعهم تكذيب ما يطرحون من معلومات عن إيران ، من قبل أطراف ظلت قناعتهم بأنّهم هم الذين جاءوا بهم من المجهول ووضعوهم في واجهة الأحداث ، ولم يقف مسلسل اعتقال الإيرانيين ليقف عند هذا الحد إذ نفذت وحدة أمريكية اعتقال السكرتير الثاني في السفارة الإيرانية في بغداد في 4/2/2007 .

وفي 11/ 2/2007 عقد ضباط أمريكيون كبار مؤتمرا صحفيا في بغداد ، عرضوا فيه نماذج من أسلحة وأعتدة إيرانية تم إدخالها إلى العراق بأوامر من أعلى المستويات في إيران ، ومن بينها 100 بندقية قنص نمساوية من طراز 15 SS باعت النمسا لإيران منها 500 بندقية لتجهيز قوات مكافحة الإرهاب ، إلا أنّ إيران حولتها للمليشيات المرتبطة بها .

وفي 26/2/2007 اكتشفت قوات عراقية وأمريكية مشتركة مخبأ كبيرا للأسلحة الإيرانية المتنوعة ، في مدينة الجديدة الحدودية مع إيران ضمن محافظة ديالى ، هذا غير الكثير مما لا يتم الإعلان عنه لأسباب شتى ، وخاصة ما يرتبط منها برغبة أجهزة أمنية هي في الأصل مليشيات تأسست في إيران ثم تحولت إلى العراق بعد الاحتلال مباشرة ، وتركز جهدها على تثبيت ركائز سلطة المحاصصة ، وممارسة القتل والتهجير على نطاق واسع .

ونعود إلى التصريحات الخطيرة التي أدلى بها المندوب البريطاني الدائم لدى الأمم المتحدة يوم 20/2/2009 ، وتحدث فيها عن دور إيراني وباعترافهم في الملف الأمني في مدن العراق فقال ( إن الإيرانيين لم يعترفوا فقط بتورطهم بالهجمات ضد القوات البريطانية بواسطة القنابل المزروعة على جوانب الطرق في العراق ، لكنهم قدموا أيضا عرضا مدهشا لإنهاء تلك الهجمات مقابل توقف الغرب عن مساعيه لعرقلة البرنامج النووي الإيراني ) ، وقال السفير جون سوارز في برنامج مع شبكة ال ( BBC ) ( إن هذا العرض تم تقديمه خلال مباحثات خاصة وغير رسمية بأحد فنادق العاصمة البريطانية لندن وتم إبلاغ الجانب البريطاني بأن إيران ستتوقف عن قتل جنودكم في العراق مقابل السماح لها بمواصلة العمل ببرنامجها النووي ) ، وقال ( إن مسؤولين إيرانيين كثيرين جاءوا إلى لندن واقترحوا علينا تناول الشاي في بعض الفنادق أو الأماكن الاخرى وفعلوا نفس الشيء في باريس وبرلين وقمنا بعد ذلك بمقارنة المقترحات التي عرضوها على الدول الثلاث ، لقد أراد الإيرانيون عقد صفقة لكن الحكومة البريطانية رفضت هذه المقترحات ) ، ويمكن تأشير أن إيران جندت المليشيات ، مثل جيش المهدي وفيلق بدر ومليشيات اخرى أسستها ودربتها وأنفقت عليها ، ليس من أجل مواجهة المحتلين وإنما لتحسين موقفها التفاوضي بشأن برنامجها النووي وإطلاق يدها في المنطقة ، ومن المعروف أن الذين قتلتهم المليشيات المرتبطة بإيران يقرب من مليون ونصف مليون عراقي ، تمت التضحية بهم كي تحصل إيران على أفضل الأوراق في مقامرة البرنامج النووي والمركز الإقليمي الإيراني .



مصادر المبحث الأول :

(1) أنظر : https://www.cia.gov/library/publications/the-world-factbook/geos/ir.html ، مشار إليه ar.wikipedia.org
Iran: Religions & Peoples، مشار إليه ar.wikipedia.org
(2) أنظر :  http://www.ahwaz.org.uk/images/identity.pdf، مشار إليه ar.wikipedia.org
(3) أنظر :  http://www.azzaman.com/azz/articles/2002/01/01-16/a99786.htm، مشار إليه ar.wikipedia.org
(4) أنظر :  إيران (ص9) – محمود شاكر – من سلسلة مواطن الشعوب الإسلامية رقم 13، مشار إليه ar.wikipedia.org
(5) أنظر : الأقليات الدينية المعترف بها رسمياً في الجمهورية الإيرانية، مشار إليه ar.wikipedia.org
(6) أنظر : العراق.. سياقات الوحدة والانقسام، تأليف: بشير موسى نافع، دار الشروق، القاهرة، 2006، مشار إليه ar.wikipedia.org
(7) أنظر : لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث، د. علي الوردي، ج1، ص43 ، مشار إليه ar.wikipedia.org
(8) أنظر :  http://www.alahwaz.org/abr1.htm، مشار إليه ar.wikipedia.org
(9) أنظر :  http://www.alahwaz.org/626.htm، مشار إليه ar.wikipedia.org
(10) أنظر :  http://www.albainah.net/index.aspx?function=Item&id=1627&lang=، مشار إليه ar.wikipedia.org
(11) أنظر :  http://csmonitor.com/cgi-bin/durableRedirect.pl?/durable/1998/02/03/intl/intl.3.html، مشار إليه ar.wikipedia.org
(12) أنظر : Mary Boyce "Zoroastrians, Their Religious Beliefs and Practices" Under the Achaemenians pp. 48، مشار إليه ar.wikipedia.org
(13) أنظر :  Janet Kestenberg Amighi "Zoroastrians of Iran, Conversion, Assimilation, or Persistence" pp. 143، مشار إليه ar.wikipedia.org
(14)  أنظر : Press TV - Results for the minority MPs، مشار إليه ar.wikipedia.org
(15) أنظر : سنن الترمذي الجزء (5) صفحة (328- 329) حديث رقم (3876) طبعة دار الفكر ، مشار إليه ar.wikipedia.org
(16) أنظر : الموقع العالمي للدراسات الشيعية، مشار إليه ar.wikipedia.org
(17) أنظر : تاريخ الأمم والملوك - الطبري - ذكر استخلاف أبو بكر، مشار إليه ar.wikipedia.org
(18) أنظر : http://www.mezan.net/mawsouat/sajad/s01.html، مشار إليه ar.wikipedia.org
(19) أنظر : علي بن أبي طالب - الباب4 - الفصل5، مشار إليه ar.wikipedia.org
(20) أنظر : ابن الأثير، أسد الغابة ص 805، مشار إليه ar.wikipedia.org
(21) أنظر : البلاذري، أنساب الأشراف ص376، مشار إليه ar.wikipedia.org
(22) أنظر : الموسوعة المسيحية العالمية لدايفد باريت ص5، مشار إليه ar.wikipedia.org
(23) أنظر : "حيث إنّ التشيّع هو المذهب الساحق في إيران من أوائل القرن العاشر (905) إلى يومنا هذا انّ الدولة الصفوية أشاعت التشيّع في إيران". كتاب الملل والنحل / ج 6 / ص 620 / للعلامة الشيعي السّبحاني، مشار إليه ar.wikipedia.org
(24) أنظر :espite occasional Shīite rulers, the Shīites remained almost everywhere an Islāmic minority until the   start of the 16th century, when the Iranian safavid dynasty made it the sole legal faith of their empire, which then embraced the Persians of Iran, the Turks of Azerbaijan, and many of the Arabs of Iraq proper. These peoples have since been overwhelmingly Ithnā Asharīyah and have given that sect a vigorous life.الموسوعة البريطانية في مقالة الشيعة، مشار إليه ar.wikipedia.org
(25) أنظر : من أجل عرض مفصل لمسألة نسب الفاطميين، انظر: كنارد، "فاطميون"، دائرة المعارف الإسلامية، الإصدار الثاني (لغة إنجليزية) Canard, M. "Fāimids." Encyclopaedia of Islam. Edited by: P. Bearman، Th. Bianquis، C.E. Bosworth، E. van Donzel and W.P. Heinrichs. Brill, 2008. Brill Online. 02 March 2008، مشار إليه ar.wikipedia.org
(26) أنظر :  Mapping the Global Muslim Population, page 8، مشار إليه ar.wikipedia.org

















المبحث الثانى

عدم مشروعية تدخل إيران فى الشئون الداخلية للدول العربية


من خلال ما سبق يتضح أن التدخل الإيرانى يستند إلى أساسان أولهما : الأساس الدينى المتمثل فى إختلاف عقيدة الشيعة (دين أكثر سكان إيران) عن عقيدة أهل السنة والجماعة (دين أغلبية سكان الدول العربية) ، ذلك الإختلاف الذى تحول إلى عداء كبير من جانب الشيعة تجاه أهل السنة فى كل عصر ومصر ، وتشهد على ذلك كتب التاريخ .

          ثانيهما : الأساس العرقى ، حيث يختلف شعب دولة إيران عن العرب بإنتسابهم إلى العرق الفارسى  ، وما كان يتميز هؤلاء الفرس من عداء للإسلام قديماً وحديثاً ، ومن ثم فإن العنصران متدخلان ، وأنا أرى أن الأساس الحقيقى للتدخل هو الأساس العرقى ، وأن دولة إيران إتخذت من الدين الشيعى ستاراً يحقق أغراضها فى تعضيد العداء من قبل فرقة معادية للإسلام على مر التاريخ ، والإستفادة من كتلة من البشر من الشيعة العرب فى الدول العربية ، وإن كانت قليلة إلا أنها تسبب قلق واضطرب لهذه الدول وذلك تحت رعاية تطبيق طلبات دولة ولاية الفقيه وذلك بإعتبارها المرجعية لكل شيعى فى العالم الأن .

ولا شك أن التدخل الإيرانى فى ظل المعطيات السابقة يعد أمراً خطيراً ويصعب إثباته ، وتتمثل إشكالية إثبات التدخلات الإيرانية أن إيران تعتمد فى تدخلها على ولاء أتباعها من الشيعة العرب وذلك لإحداث القلاقل وعدم الإستقرار وذلك كأداة من أدوات الضغط من قبل ايران على الدول العربية  ، تنفيذاً لكل ما تطلبه إيران من هؤلاء المغرر بهم والذين يعرضون أمن بلادهم فى قبضة أيران وفق مخططاتها لقيادة المنطقة العربية والسيطرة عليها .

فضلاً عن ذلك فإيران تقوم بزرع منظمات سرية ومعلنة ، عسكرية وغيرعسكرية ، تعمل على بلوغ إيران إلى ما ترمى إليه فى كل الدول العربية ، ولكن هذا التدخل ليس على مستوى واحد فى كل الدول العربية ، مثال على ذلك العراق الذى يدين حكامه الأن بالولاء إلى دولة ولاية الفقيه .

وفى النهاية كان يجب أن يكون هناك مواجهة لتلك التدخلات من قبل الدول العربية ، وذلك بعدما تسبب تدخل إيران فى دولة عربية إلى إسقاطها وهى العراق ، ومن ثم  سأعطى حلولاً وطرقاً لكيفية مواجهة التدخل الإيرانى فى الشئون الداخلية للدول العربية وذلك على كافة الأصعدة السياسية والعسكرية والدبلوماسية .


المطلب الأول

إشكالية إثبات التدخل الإيرانى


بلا شك أن إيران تساعد على توترعلاقاتها بالدول العربية وذلك فى إطار ما سبق من تداخل عنصرا الدين والعرق ، وذلك بما تقوم به من التدخلات التى تعد فى بعض الأحيان واضحة بل وتعلن عنها ، وفى البعض الأخر خفية ، وذلك فى سعيها للضغط على الدول العربية بما يؤثر على سيادتها .

ولكن إثبات ذلك التدخل يعد أمراً صعباً ، وذلك لأن إيران لا تقوم به بنفسها ، وانما تقوم بإستخدام الشيعة العرب فى إثارة الشغب فى الدول العربية ، وتختلف توجهات إيران فى توجيه أتباعها فى كل دولة على حدة ، ففى السعودية يطالب الشيعة بدولة ، وهذا أيضا المعمول به فى اليمن ، أما البحرين والكويت فيطالبون بملكية دستورية ، أى أن الطلبات تختلف من دولة إلى دولة بحسب ما يتفق ومصالح دولة ولاية الفقيه .

وأشكال إستخدام الشيعة العرب بما يصب فى مصالح إيران كثيرة ومختلفة ، إلا أن أخطرها هو مد الجماعات الشيعية فى الدول العربية بالأسلحة وغير ذلك من المؤن ويأتى مثال على ذلك مد إيران لجماعة الحوثين على الحدود اليمنية السعودية تلك التى كانت تطال الإنفصال عن اليمن .

ولا شك أن إيران تسعى من وراء ذلك تدعيم المطالبات الشيعية بالإنفصال إلى التمهيد لقيام دول تكون على علاقة وثيقة مع إيران ، حيث العقيدة الشيعية المشتركة ، أو بمعنى أوضح تخضع لما تراه دولة ولاية الفقيه .

فضلاً عن ولاء الشيعة العرب والذين يمثلون ضغط على الأنظمة العربية ، هناك التنظيمات والأحزاب العسكرية الذين تقوم إيران بزرعهم حسب مقتضياتها وإمكانياتها فى الدول العربية وتقوم بإمداد هذه التنيمات العسكرية التى هى بالطبع تمثل خطراً فى الدول العربية .

ولا شك أن هذه التنظيمات تتخفى وراء الدعاوى الوطنية وأنها تعمل لحساب تلك الدول ، إلا أنها بمعزل عن ذلك وتقوم على حماية المصالح الإيرانية فى قطر من الإقطار العربية.

وهذه التنظيمات قد تكون سرية وغير معلومة تعمل فى الخفاء ، وقد تكون معلنة ، بل وتعلن دعمها أحياناً لإيران ومن هذه التنظيمات العسكرية التى تتركز فى البلاد العربية  والتى تصنفها بعض الدول بإنها إرهابية :-


أولاً :- جيش المهدى :-

جيش المهدي هو تنظيم مسلح شيعي عراقي أسسه مقتدى الصدر في أواخر عام 2003. دخل في البدء بمواجهة مع القوات الأمريكية بعد أن قتلت القوات الأمريكية متظاهرين من أنصار الصدر محتجين على إغلاق صحيفة الحوزة الناطقة التي اغلقت بسبب تبنيها افكار مقاومه للامريكان. يقول البعض أنه مكون من شباب يقلدون محمد الصدر وبينما يقول آخرون أن جيش المهدي مكون من تركيبة تحتوي على عناصر مدربة في إيران وعناصر أخرى غير منظمة من أصحاب السوابق والمجرمين الخارجين من السجون وعناصر أخرى من أصحاب الأهواء والغايات يجمعها الانتماء إلى الطائفة الشيعية.

والاسم مستوحى من الجيش الذي سيتشكل بعد ظهور الإمام المهدي وهو الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت، حسب ما يعتقده المسلمون الشيعة.

يرجح كثير من العراقيين أن جيش المهدي والتيار الصدري ككل تم تأسيسه بالأساس على يد كل من بهاء الاعرجي وحازم الاعرجي وأنهم استخدموا مقتدى الصدر كواجهة ضرورية لغايات جذب الأتباع نظراً لإرث العائلة ولتحقيق المكاسب السياسية والمادية.

يتهم جيش المهدي بالقيام بعمليات خطف وقتل جماعي، أو ما يسمى بفرق الموت ضد أهل السنة وضد من يخالفه الرأي في بغداد والبصرة وبعض مدن الجنوب الأخرى. ومؤخرا اعترف مقتدى الصدر بوجود عناصر في جيش المهدي مجرمة وفاسدة وتبرأ من كل عنصر يتورط في قتل عراقي إلا أن أدلة قوية ظهرت فيما بعد تؤكد تورط جيش المهدي وقيادته باعمال الإبادة الجماعية والتهجير الطائفي القسري لسنة بغداد وديالى، وأن أعمال القتل والذبح الرهيبة التي حدثت بعد تفجير مرقد الامامين العسكريين في سامراء كانت من صنيع جيش المهدي وبأوامر مباشرة من مقتدى الصدر نفسه والتي اطلق عليهم وصف الناصبة والوهابية حيث ظهر حازم الاعرجي في إحدى خطاباته وهو يحرض على قتل السنة.


ثانياً :- فيلق بدر :-

فيلق بدر منظمة شيعيه عراقية مسلحة تأسست نهاية عام 1980 من قبل المعارض الشيعي أية الله العظمى محمد باقر الحكيم وكان تشكيل فيلق بدر هي فكرة المرجع الشيعي الأعلى الإيراني أية الله العظمى روح الله الخميني. وهي الجناح العسكري للمعارضه الإسلامية الشيعيه ابان نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين وقد اتخذت من إيران ملاذا لها بعد حمله تصفيات واغتيالات لاحت كوادرها المتقدمه في العراق حسب اوامر شخصيه صدرت من صدام نفسه اعطت الضوء الاخضر لتصفيه الجناح السياسي لها في العراق من ابرز مؤسسي فيلق بدر محمد باقر الحكيم. ويتألف الفيلق من جنود هاربين من الجيش العراقي السابق وقاده وضباط سابقون ومعارضون لنظام صدام حسين وقد هربوا من العراق ولجؤوا إلى سوريا وايران الذي ضم 100000 مقاتل.


ثالثاً :- حزب الله اللبنانى :-

حزب الله أو المقاومة الإسلامية في لبنان هو تنظيم سياسي عسكري متواجد على ساحة لبنان السياسية والعسكرية على مدى أكثر من عشرين عاماً، هدفه كما جاء على لسان أمينه حسن نصر الله إقامة الجمهورية الإسلامية في لبنان لتكون جزء من الجمهورية الإسلامية " الكبرى" التي قامت إثر الثورة الإيرانية الإسلامية.

حزب الله الكويتي :-

نشأ (حزب الله - الكويت) في بداية الثمانينات، بعد نشأة حزب الله اللبناني، واتّخذ هذا الحزب أسماءً ومنظّمات وهمية، مثل: «طلائع تغيير النظام للجمهورية الكويتية» و «صوت الشعب الكويتي الحر» و «منظمة الجهاد الإسلامي» و «قوات المنظمة الثورية في الكويت»، وكلّها ترجع للحزب المسمَّى (حزب الله - الكويت).

وتأسَّس هذا الحزب الفرعي، بمجموعة من شيعة الكويت كانت تدرس في الحوزة الدينية في قم، ويرتبط معظم أعضاء هذا الحزب بالحرس الثوري الجمهوري الإيراني، حيث كانوا يتلقّون تدريباتهم عن طريقه.

وكان هذا الحزب يثير الفتن والقلاقل، ويقوم بالتفجير والاغتيال والاختطاف في الكويت، ليحاول السيطرة على البلد وتكوين دولة أخرى تدين بما تدين به إيران.

و«يُعد حزب الله - الكويت جزءاً لا يتجزأ من الحركة الشيعية الإيرانية بقيادة آية الله العظمى علي خامنئي، ويرى أن حكم آل صباح لا مكان له في الكويت».


حــــزب الله الــبـحــريـنـي :-

ترجع نشأة هذا الحزب إلى أنه مع بداية انتصار الثورة الشيعية في إيران، تأسّست عدة أحزاب في الخارج تابعة للنظام الإيرانى، وذلك من أجل توسيع النفوذ الإيراني من خلال الشيعة في مختلف المناطق، وفى البحرين تم التوجيه لهادى المدرسي بتكوين الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين! ومقرها طهران وأصدرت في بدايتها بياناً تبين فيه أهدافها، وهى على النحو التالي:

1- إسقاط حكم آل خليفة·
2- إقامة نظام شيعي موافق للنظام الثوري الخمينى في إيران·
3- تحقيق استقلال البلد عن مجلس التعاون الخليجى، وربطها بالجمهورية الإيرانية·

وكان (الصندوق الحسيني الاجتماعي) إحدى قواعد ومنطلقات هذه الجبهة، وكانت تصدر من إيران عدد من المجلات من أمثال (الشعب الثائر) و(الثورة الرسالة) وغيرهما، وفى ديسمبر (كانون الأول) من العام 1981 قامت الجبهة بقيادة (محمد تقى المدرسى) بتنفيذ المحاولة الانقلابية على الحكم، وتم إفشال هذه العملية، وألقت الحكومة البحرينية القبض على 73 متهماً باشر هذه العملية أو قام بمعاونة أصحابها، وفى منتصف الثمانينيات تم عقد اجتماع لقادة الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين مع المسؤولين فى المخابرات الإيرانية، وتم الاتّفاق على إنشاء الجناح العسكرى للجبهة تحت اسم (حزب الله – البحرين) ·

وفى بداية نشأة هذا الحزب، كُلِّف الشيخ (محمد على محفوظ) الأمين العام للجبهة الإسلامية لتحرير البحرين! بتجنيد ثلاثة آلاف شيعي بحريني لحزب الله البحرينى، وتدريبهم في إيران ولبنان، وبدأ هذا الحزب بالتخطيط والترتيب لإحداث الفتن والثورات في البلد والسيطرة على بعض المناطق والمرافق المهمّة·

وكان الهدف الأول لهذا الحزب، هو عمل انقلاب على النظام القائم بُغية إحلال نظام موافق وموالٍ للنظام الصفوي الشيعي في إيران، ويؤكّد ذلك ما صرح به (آية الله روحانى) من أن البحرين تابعة لإيران، وهى جزء من جمهورية إيران الإسلامية·


حزب الله السعودى :-

مع بداية قيام الثورة الخمينية في إيران وتولّيها للسلطة عام 1979 م، أوعز النظام الإيراني لأتباعه في السعودية، بالقيام بثورات ضد الحكومة السعودية القائمة، مما تسبّب هذا التحريض في قيام ما يسمّى ثورة الشيعة في القطيف عام 1400 هـ، حيث بدأت الشعارات والهتافات، مثل: «مبدؤنا حسيني، قائدنا خميني» «يسقط النظام السعودي» «يسقط فهد وخالد».

ومن خلال بروز الثورة الخمينية، والتواصل المنسجم بين إيران والقيادات الشيعية في السعودية، فقد عُهد إليهم بإنشاء منظّمة يكون مرشدها ومنظّرها هو الشيخ: حسن الصفّار، وتمت تسمية هذه المنظمة باسم (منظمة الثورة الإسلامية لتحرير الجزيرة العربية).

وصارت تسمّى فيما بعد بمنظّمة الثورة الإسلامية في الجزيرة العربية ، وكانت أهداف هذه المنظّمة تتلخّص في:

1- حماية الثورة الإيرانية في إيران وتمهيد تصديرها في العالم الإسلامي.
2- تحرير الجزيرة العربية! (السعودية) من الحكم الإسلامي السنّي، وإبدالها بحكومة شيعية موالية لإيران ، إذ ترى المنظّمة أن الحكم السعودي وبقية الأنظمة الخليجية طاغوتية كافرة ، وتعتبر المنظّمة نفسها جزءاً من الثورة الخمينية الإيرانية، ولهذا يقول الشيخ حسن الصفار -مرشد ومنظّر المنظّمة :-

" نطلب ونتوقّع من إيران أشياء كثيرة بحجم الأهداف التي رفعتها الثورة".

وترى المنظّمة أنه لتحقيق ثورة إسلامية، فإنّ ذلك يتطلب ثلاثة شروط :-
1- هجرة القيادة وأداء الدور المطلوب من الخارج ، بحيث يتوفّر مكان أكثر حرّية ، مع وجود منظّمات ومؤسّسات أجنبية تدعم هذه المنظمة لوجستيّاً ومعنوياًُ.
2- الحسم في الثورات الشيعية لا يأتي إلا بالسلاح.
3- بناء جبهات متعدّدة مساندة للمنظّمة وأهدافها.









المطلب الثانى

كيفية مواجهة التدخل الإيرانى

إن ما تقوم به إيران فى البلدان العربية من تدخلات سافرة ، لابد له من مواجهة عنيفة ، ورداً حازماً حتى يتم إعادة صياغة العلاقات بين إيران والدول العربية على أساس إحترام سيادة الدول وعدم التدخل فى شئون الغير ، وبما يجعل إيران على يقين من أن الدول العربية ليست ضعيفة بحيث لا تستطيع رد العدوان ، وصولاً إلى تخليها عن أحلام تفريس الدول العربية ولاسيما الخليج العربى .

وبالطبع تسعى إيران من وراء ذلك التدخل إلى تحقيق أهدافها فى السيطرة والهيمنة على المنطقة العربية ، وتختلف تلك الأهداف من دولة لأخرى بحسب مصالح إيران فيها ، فهناك دول عربية يتلاحظ فيها تزايد التدخل الإيرانى مثال البحرين والتى تعتبرها إيران جزء منها سيعود فى المستقبل القريب ، ويقل التدخل فى دول أخرى مثال مصر والسعودية وغيرهم ، ومن ثم فالتدخلات الإيرانية فى البلاد العربية تختلف بحسب المعطيات الخاصة بالشيعة العرب والتى تستخدمهم إيران لتحقيق أغراضها ، وأيضاً بحسب طموحاتها فى هذا البلد ، وقوة هذا البلد بحيث تستطيع إيران أن تخترقه .

ومن خلال ذلك فإن مواجهة هذا التدخل الإجرامى يقتضى من الدول العربية التعاون لإتمام ذلك على الصعيدين الفردى والجماعى .

1- المواجهة الفردية :-

فى إطار الأساسان الدينى والعرقى للتدخلات البغيضة فى الشئون الداخلية للدول العربية يجب مواجهة إيران ، ذلك بما يقضى على أحلام إيران فى التوسع على حساب العرب .

وأول خطوات المواجهة تكون بالقضاء على المد الشيعى فى البلاد العربية ، ذلك الذى لوحظ موخراً فى السنوات القليلة السابقة ، والذى يقوده فى كل بلد عربى مجموعة تقوم إيران بزرعهم وإغرائهم بالأموال وكافة المغريات الأخرى .

وكذلك إتاحة المجال لرجال العلم الثقات من الإلتحام بالشارع العربى لبيان عقيدة مذهب أهل السنة والجماعة ، ولازالة الشبهات التى تمس هذا المذهب والتى دست فى التاريخ الإسلامى وقام عليها بعض الشيعة ، وبعض الذين تم إغرائهم بالأموال فى زمن الدولة العباسية .

معاملة الشيعة العرب فى البلاد العربية التى يوجد فيها أكثرية شيعية بما يضمن سلامة الوطن من تعريضه لعدم الإستقرار ، والمعاملة بكل عنف ومعاقبة كل من يخالف ذلك مع من يتعامل مع إيران أو أعوانها فى المنطقة ، والمعاملة باللين مع من يتجاوب منهم لحفظ أمن الوطن .

تقوية المجتمع الداخلى للدول العربية بما يضمن سلامته من إختراق يؤدى إلى أنهيار الدولة وذلك بما يلى :-

1- إرساء العدالة بين المواطنين بين المسلمين ( سنة – شيعة ) وغير المسلمين ، وفى جميع مجالات الحياة .
2-  تطبيق القانون على الجميع دون إستثناء .
3-  إعلاء العلم وكلمة العلماء ولاسيما العلم الشرعى .
4- إقامة دولة المؤسسات ، وتقويتها بما لا يجعلها عرضة للإختراق ولاسيما المؤسسة الأمنية والعسكرية.


2- المواجهة الجماعية :-

بعدما تقوم كل دولة على حدة بالقضاء على المد الشيعى والذى يمثل الحجاب عن القصد الحقيقى لإيران وهو تفريس المنطقة العربية ولاسيما الخليج العربى محور أطماعها كخطوة أولى ، فإنه يتم التعامل مع التدخل على الصعيد الدولى ، وذلك بتعاون الدول العربية التى تعتنق مذهب أهل السنة والجماعة ، وذلك كخطوة ثانية للقضاء على التدخل الإيرانى فى الشئون الداخلية للدول العربية .

ومن خلال نقاط محددة سيتم بيان ما يجب على الدول العربية لمواجهة التدخل الإيرانى على الصعيد الدولى :-

1-    التعاون بين الدول العربية فيما يتعلق بالأمن الداخلى (الشرطة) ، والأمن الخارجى (الجيش) وذلك لمنع أى محاولة لأختراق أجهزة الدولة .
2-    العمل على إظهار فكرة الوحدة العربية أمام المجتمع الدولى ، وإعتبار البلاد العربية دولة واحدة .
3-    المطالبة بإستعادة الأراضى العربية المحتلة من قبل إيران كنوع من الضغط والهجوم على إيران ،


دولة الأحواز العربية المحتلة :-

التسمية العربية التاريخية الحقيقية لهذا القطر العربي هو ( الأحواز ) ، حيث كان العرب يطلقون اسم الأحواز على هذا القطر العربي السليب ، والأحواز هو جمع لكلمة حوز ، وأصلها مصد ر للفعل حاز بمعنى الحيازة والتملك . وكان العرب يستعملون هذا اللفظ دلالة على تمليك الارض دون سواها . ويشيرون بها الى الارض التي اتخذها فرد وبين حد ودها فاستحقها دون منازع ، كما كانوا يعد ونها دلالة للتبعية الادارية او السياسية او العشائرية بالنسبة للقبائل والحوا ضر والامارات فيقال حوز فلا ن واحواز تميم واحواز البصرة .

أما تسمية الأحواز ب( عربستان ) فان الفرس أنفسهم هم الذ ين أطلقوا هذه التسمية عليه في عهد الشاه اسماعيل الصفوي اعترافا منهم وفي عهد حكمهم الفارسي في ايران بأن أرض الأحواز أرض عربية وأن شعبه شعب عربي ، الا أن الفرس عاد وا فيها مواضع فأبد لوا اسمها الى خوزستان بعد احتلا لها عام 1925 ، ومعناها بلاد القلاع والحصون ، اذ أن العرب بعد معركة القاد سية بنوا حربية كل موضع يسمى خوز بالفارسية .

وكلمة عربستان فهو اسم يطلقه غير العرب على الارض العربية المجاورة لهم ، فقد اطلق الاتراك اسم عربستان على القسم الشمالي من سوريا . وأطلقت الحكومة الفارسية في عهد الصفويين هذا الاسم على الأحواز ومعناه بلا د العرب . وهذا اعتراف ضمني من فارس بعروبة هذا القطر العربي المغتصب .

على أنه مهما كان الرأي في سبب التسمية ، فاءنها تشير وتؤكد على أن شعب الأحواز عربي ومن أصل عربي ، وأنهم يشكلون وجودها وفي شخصيتها ، فاءن كل ما في ، أغلبية مطلقة ساحقة في هذا القطر العربي السليب . واذا كانت الآثار الحضارية لأمة ترتب لها حقوقا في تثبيت انتمائها وفي عربستان من آثار وملامح ووجود يؤكد عروبتها وأصالتها العربية . فالتكوين البشري الاجتماعي لسكانها عربي مكين الدعائم ، وجميع ما فيها من مقومات ينطق بعروبتها ، وكل ما قام في ربوعها من أقد م الأطوار الحضارية وفي أبعد أعماق التاريخ كان بتأثير من حضارة وادي الرافدين ، وبالاضافة الى كل ذلك فاءن أرض الأحواز ( عربستان ) قد تكونت من طمى نهر كارون وشط العرب .

وبعد الاحتلال الفارسي للأ حواز ( عربستان ) عام 1925 اطلق الغزاة الفرس عليه اسم خوزستان وهي تسمية فارسية قد يمة ومعناها بلاد القلاع والحصون . أما الهدف الفارسي الاساسي والسياسي من تغيير اسم الأحواز ( عربستان ) الى اسم خوزستان هو طمس الهوية العربية والحقيقة التاريخية واضفاء الصبغة الفارسية على هذه المنطقة العربية التاريخية المغتصبة من الوطن العربي الكبير ضمن ساسة فارس فى تفريس هذا القطر العربي السليب.

4-    الإستفادة من توتر العلاقات الأمريكية – الإيرانية فى العراق وطرح البديل العربى للاستقرار هنالك
5-    الضغط على المجتمع الدولى للعمل ضد مصالح إيران ولاسيما فى مجال الملف النووى
6-    قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران إذا إستمر التدخل فى الشئون الداخلية للدول العربية

خاتمة


        مما سبق يتضح أن التدخل الإيرانى فى الشئون الداخلية للدول العربية تدخل غير مشروع دولياً إستناداً إلى المادة 2/7 من ميثاق الأمم المتحدة للعام 1945 والتى حظرت التدخل بين الدول وبعضهم ، وحظرت أيضاً تدخل منظمة الأمم المتحدة فى الشئون التى تعد من صميم لسلطان الداخلى للدول ، وكذلك يأتى الحظر من مبادئ الأمم المتحدة التى أقرتها عند نشأتها .

ولكن من الغريب فى التدخل الإيرانى أن أى تدخل يتم من جانب دولة قوية أو مساوية على الأقل فى القوة للدولة المتدخل فى شئونها ، أما تدخل إيران فى شئون الدول العربية الداخلية أمراً مستغرباً ، فكيف تتدخل دولة واحدة فى شئون أكثر من خمس دول عربية ، ولكن لا حياة لمن تنادى .

والحقيقة أن الدول العربية هى التى تعطى فرصة لمثل إيران وغيرها أن تتدخل فى شئونها لعدم سعى الدول العربية إلى الإتحاد معاً ضد كل معتدى ، لتكون كلمة العرب على قلب رجل واحد ، وكذلك إلى تقوية نفسها تحسباً لكل إعتداء .

ولعل هذا الأمر قد تنبه إليه دول مجلس التعاون الخليجى فى خلال أزمة البحرين الأخيرة ، حيث قاموا بتفعيل ميثاق الدفاع المشترك وذلك تحسباً لأى إنقلاب يحدث فى ظل الفوضى والإضطراب التى حدثت هنالك .

ومن ثم فكيف لهذه الدولة الفقيرة أن تحتل دولة عربية ألا وهى ( دولة الأحواز العربية ) ، والتى تعتمد إيران علي ثرواتها فى الدخل القومى ، ومع ذلك لايطالب العرب بإستعادتها .

كيف لها أن تخطو أولى خطوات تفريس المنطقة العربية ، وذلك حين قامت إيران بتغيير تسمية الخليج العربى إلى الخليج الفارسى ، وذلك لتأتى مرحلة تطلب فيها إيران أحقية إيران على المنطقة العربية ، من ثم فإن ما  تقوم به إيران جاوز كل الحدود ، وهذا يقتضى من الدول العربية أن تقف وقفة جادة لكى لا تسقط دولة أخرى كما سقطت العراق من قبل .

وختاماً أقول أن إيران ليست الدولة القوية ولكن الضعف منا ، فأسأل الله أن يتحد العرب فى وجه هذا المعتدى من أجل الحفاظ على الأراضى العربية بكامل السيادة ، والله أسأل أن يحفظ بلاد المسلمين من كل شر ، ولله الحمد والمنة والثناء الحسن .


مراجع البحث :-


(1) أنظر : د/ أحمد أبوالوفا (الوسيط في القانون الدولي العام ) ، الطبعة الرابعة 2004 ، دارالنهضة العربية القاهرة
(2) نظر : د/ إدريس بوكرا (مبدأ عدم التدخل في القانون الدولي المعاصر) ، المؤسسة الوطنية للكتاب ، الجزائر 1990
(3) نظر : د/ السيد مصطفى أبو الخير(المبادئ العامه فى القانون الدولى المعاصر) ، الطبعة الأولى ،2006  
(4)أنظر : د/ حسام حسن حسان (التدخل الإنسانى فى القانون الدولى المعاصر) ، دار النهضة العربية 2004
(5)أنظر : د/ حسين حنفى عمر (التدخل في شؤون الدول بذريعة حماية حقوق الانسان) ، ط 1 دار النهضة العربية القاهرة ، 2004/2005
(6) أنظر : د/ حامد سلطان (الحرب فى نطاق القانون الدولى) ، المجلة المصرية للقانون الدولى ، 1969
(7)أنظر : د/ سعيد جويلى (إستخدام القوة المسلحة فى القانون الدولى العام فى زمن السلم) ، 1994
(8)أنظر : د/ عاطف على على الصالحى (مشروعية التدخل الدولى وفقاً لقواعد القانون الدولى العام) ، رسالة دكتوراة ، جامعة الزقازيق 2008
(9) أنظر : د/ على إبراهيم (الحقوق والواجبات الدولية فى عالم متغير) ، 1999 ، مرجع سابق
(10) أنظر : د/ على صادق أبوهيف (القانون الدولى العام) ، منشأة المعارف ، الأسكندرية1995
(11) أنظر : الشيخ / محمد أبى بكر عبدالقادر الرازى (المختار الصحاح) ، دار التنوير العربى ، بيروت لبنان
(12) أنظر : د/ محمد طلعت الغنيمي ( الوجيز في قانون السلام) ، منشأة المعارف بالاسكندرية ، بلا تاريخ
(13)  أنظر : د/ محمد مصطفى يونس (النظرية العامة لعدم التدخل فى شئون الدولة ) ، دراسة فقهية تطبيقية فى ضوء مبادئ القانون الدولى المعاصر ، دكتوراة مقدمة إلى كلية الحقوق جامعة الزقازيق 1985
(14) أنظر : د/ مختار مزراق (حركة عدم الإنحياز فى العلاقات الدولية) ، بيروت 1984 ، الدار العالمية للطباعة والنشر
(15) أنظر : أ/ موسى سليمان موسى (التدخل الدولي الانساني ومشروعية التدخل السوري في لبنان) ، رسالة ماجستير، كلية القانون والسياسة ، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك 2007
(16) أنظر : منير البعلبكى (المورد) ، دار العلم للملايين ، ط22 ، 1994




0 التعليقات:

إرسال تعليق