تابع جديد المدونة عبر:

الجمعة، 28 ديسمبر 2012

التوحيد خير من التوحد


قد يفهم من العنوان أنها دعوة إلى الفرقة والتشرذم والإختلاف فى وقت تقتضى فيه الحكمة أن يسود التوحد بين المختلفين فى أمور الدين والدنيا ، وبلا شك أن التوحد المزعوم ليس رايته الإسلام ، بل هى الوطنية المصرية التى يجب أن ينضوى تحت لوائها - المسلم وغير المسلم- بحسبانها من وجهة نظر قائليها هى الحل لحل أزمات البلاد والعباد ، ومن خلال هذه الوطنية نستطيع أن نصهر معادن المصريين حتى تصبح نسيجا واحدا لا أختلاف بينهم يقارن ، ويذوب الجميع فى وعاءا واحدا ، ومن ثم تختفى المشاكل الطائفية إلى الأبد .
وهذه الرؤية للتعايش بين المسلمين وغيرهم يعاب عليها من وجهتين ، اولهما :- أنها تخالف عقيدة التوحيد التى أرسل الله الرسل من أجلها وشعارها ليس الهلال وأنما ( لا أله إلا الله محمد رسول الله ) ولما قال تعالى ( إن بعض الظن إثم ) ، فلا يجب أن نطعن فى دين من يقول بهذا ، بل نحسبهم على خير يريدون أن ينقذوا الوطن ، والذى  يظهر من الإعلام أن أصحاب هذه الرؤية هم المسلمين من التيارات العالمانية وفقط ، والحقيقة أن النصارى يقفون وراء هذه الراية الوطنية ويدفعون بعض المسلمين إليها دفعا لإنها تحقق لهم أهداف دينية ، تلك المتمثلة فى عدم تمكين المسلمين من تطبيق شريعتهم فى مصر حتى ولو أعلنوا عدم إعتراضهم على ذلك ، لان تطبيق الشريعة يمثل مشكلتين عند النصارى :-
1-   أنها تنهى أمالهم نهائيا فى إعادة الدولة القبطية المنشوده والتى أقاموا لها حكومة فى أمريكا .
2-   أنها تعتبر عامل غيظ وحقد على المسلمين أنهم يأتمرون بكتابهم والذى يعرفون يقينا أنه سبيلا لعزتهم ونصرهم فى الارض بموعود الله .
كذلك يقف النصارى وراء الراية الوطنية من أجل رد المسلمين عن دينهم قال تعالى ( ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند انفسهم  ) ، ولعل الكفاية فى ما أثير فى الإعلام  من أن العلماء من انصار الدعوة السلفية يحرقون البلد لانهم يقولون أن النصارى كفار ، ويقوم بطرح هذ السؤال مسلمين ومنهم علماء من الازهر ، ومن العجيب أن يطرح مسلم سؤال كهذا أو يجاوب عليه تقية بالسلب ، كيف يخالفون قول الله فى وصفه للنصارى أنهم كفار ومخلدين فى النار اذ لم يؤمنوا قبل موتهم ، والأيات على ذلك كثيرة ، قال تعالى ( إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية ) ، ( لقد كفر الذين قالوا أن الله ثالث ثلاثة ) والايات على ذلك كثيرة ، ثبت فيها من وفقه الله ، وضل فيها أناس كثير وغفر الله للجميع ، ومن أجل ذلك فالذوبان المطلق قد يمس توحيد المسلم لربه ، ذلك أن الدولة الوطنية دولة تسوى بين الاديان والعقائد ، فالمسلم كغير المسلم ، وفى الحقيقة الطرح الاسلامى لا يفرق بين المسلم وغيره فى الحقوق والواجبات الا ما تعلق منها بالعقيدة ، فالمسلم فى غير مسائل العقيدة لا يختلف عن غير المسلم ، فلو تفوق مايكل على محمد بنصف درجة يعين ولا يعين محمد ، وهذا مفهوم العدل والتسامح فى الاسلام الذى يخلطه كثير من المسلمين الذين لم يعرفوا حقيقة التوحيد ، ( فالتسامح يكون فى المعاملات لا فى مسائل العقيدة ) ، فهل قولى للنصارى انكم لستم بكفار ؟ تسامح ، إنها ردة عظيمة عن الاسلام ونسأل الله السلامة منها ، ومن ثم فلابد من التوحد ولكن على جثمان الاسلام ، أم على مكاشفة حقيقية بين المسلمين وغير المسلمين ، فالتوحد المنشود هو التوحد القائم على غير المساس بعقيدة الاسلام .
ثانيهما :- أن تلك الوطنية المطروحة لم تثبت نجاحها إلا فى الغرب ولاسيما الدول التى تجمع كثير من الأديان والأعراق ، أما فى الدول الإسلامية فقد فشلت فشلا ذريعا بل زادت من حدة الصراع الطائفى ، ففى مصر مثلا أرسى عبدالناصر الدولة الوطنية منذ وصل الى حكم البلاد ، ومنذ تم ذلك وبدأت النزاعات بين المسلمين والنصارى ، ولم تكن مصر قبلها يحدث فيها أى نزاع طائفى ، فتقديرى أن عبدالناصر كحاكم ديكتاتور أراد أن يخلق مشاكل فى المجتمع حتى يؤبد حكمه ، إذ مصر قبل ثورة يونيو - وأنا لا أراها ثورة بل إنقلاب - كانت من أقوى وأغنى الدول فى العالم ، وكانت قوة مصر فى العهد الملكى بمكان ، أنه إذا صوتت مصر على قرار فى الأمم المتحدة بنعم ، تصوت سبعين دولة على الأقل من الدول الأسلامية والإفريقية والأسيوية بنعم وإلى الله المشتكى .
ومن ثم فلا يمكن التوحد على جثمان التوحيد ، ولا يمكن الإلتفاف حول راية الوطنية بعيداً عن راية الإسلام ، فالدين أولى بالرعاية من الوطن بحسبان الإسلام ديناً يحض على حب الوطن ، والدفاع عنه ولا شك ولا ريب أن العلماء قاطبة قديما وحديثا على التزام المسلمين بالنفير العام ( خروج جميع المسلمين للدفاع عن الاراضى المحتلة ) اذا اعتدى على شبر واحد ، وإلى الله المشتكى ، فديار الاسلام كلها محتلة ، تارة عسكريا ، وتارة إحتلال فكرى هو أخطر من الأول ، وهدى الله الذين أمنوا لما أختلف فيه من الحق بإذنه.
وأشهد أن لا إله إلا لله وأن محمداً رسول الله

0 التعليقات:

إرسال تعليق