فى ظل هذا الزخم السياسى الحادث فى الشارع المصرى
خرج اليوم 28 / 4 / 2012 الدكتور محمد البرادعى بحزب جديد سماه حزب الدستور ، لذا
يجدر التساؤل عن علاقة هذا الحزب بما يسمى بالفوضى الخلاقة ، تلك الدعوى التى
تبنتها الولايات المتحدة الأمريكية وصولاً إلى الشرق الأوسط الجديد ، هل هذا الحزب
هو الأداة التى ستنفذ تلك الخطة لبناء شرق أوسط جديد وفقاً لرؤية الولايات المتحدة
الأمريكية .
وليس شرطاً عندما أتسأل عن العلاقة بين حزب
يتصدره الدكتور محمد البرادعى وبين الفوضى الخلاقة أن يكون هذا طعناً فى وطنيته ،
ودينه ، فقط هى محاولة لفهم ما يدور فى مصر ، وكم من وطنيين قاموا بإعمال مشينة
لصالح الغرب واليهود تحت أى مسمى كان ، وأعظم مثال على ذلك الرئيس السادات بقبوله
لمعاهدة تعانى منها ليس مصر وحدها بل الأمة العربية بحسبانها فوزاً ساحقاً للكيان
الصهيونى فى الصراع وتحييد مصر فى هذا الصراع مما أدى إلى غطرسة العدو الصهيونى
وتفوقه على الدول العربية مجتمعة .
ولعل قراءة العلاقة بين تأسيس حزب الدستور
والفوضى الخلاقة سيعتبره البعض من قبيل نظرية المؤامرة تلك التى أؤمن بها ، وأؤمن
كذلك أن مصر تعيش فى مؤامرة منذ تولى محمد على حكم مصر .
والتساؤل الأن : هل الفوضى الخلاقة بدءت ونحن
الأن فى أثارها ، أم أن الفوضى لم تبدأ
بعد ؟
يجمع
كثير من أصحاب التحليلات الإستراتيجية أن الفوضى بدءت بقيام ثورات الربيع العربى
كما يحلو للإدارة الأمريكية أن تصفه ، وأنا بالطبع مع هذا التحليل ، ولكن ماذا
تريد الفوضى الخلاقة أن تفعل بالبلاد العربية ؟
من خلال عرض بسيط يتضح لنا أن منذ تربع أمريكا
على قمة المجتمع الدولى وقيامها بكسر الإتحاد السوفيتى بل بشله تماماً وهى تنفذ
خطط تحقق مصالحها الفردية بحيث لا يخرج عن ولايتها أى دولة من دول العالم .
فكل دولة تستطيع أمريكا التعامل معها
بإستراتيجيات مستقبلية وتكتيكات أنيه ، بحيث تظل أمريكا صاحبة القرار فى كل مناطق
العالم تقريباً ، والذى يهمنا هو إستراتيجيات وتكتيكات أمريكا فى العالم العربى .
تعتبر منطقة الشرق الأوسط من أهم المناطق فى
العالم عند الإدارة الأمريكية لإسباب كثيرة ، منها أنها أغنى منطقة بالبترول الذى
تحتاجه أمريكا والثروات عموماً ، أن هذه المنطقة هى المناوئة لإمريكا والغرب فى
صراع الأديان والذى تسميه الإدارة الأمريكية صراع الحضارات ، ومن ثم كان السيطرة
عليها من أهم سياسات الإدارات الأمريكية المتعاقبة .
وبقراءة المشهد فى مصر خاصة نجد أن مصر كانت
مملكة يحكمها أبناء محمد على إلى أن قامت الثورة على أخر ملوك هذه المملكة التى
حكمت منذ الحملة الفرنسية والتى قامت عليها ثورة أيضاً بقيادة الشيخ عمر مكرم حتى
خرجوا من مصر إلى الملك فاروق ، وكانت تلك الثورة بقيادة العسكر كما هو معلوم ،
إلا أن هذه الثورة محل خلاف ، حيث يرى البعض أنها قامت بمباركة غربية لامتناع
الملك فاروق عن تنفيذ بعض طلبات الغرب أنذاك ، ويرى البعض أنها ثورة وطنية قامت
على الإقطاع والظلم والفساد .
ولكنى أرى أن تحليل الفريق الأول هو المفسر
للواقع ، ففى عهد الملك لم يكن هناك ظلم يقارن بما قام به مجلس قيادة الثورة من
قتل ونهب وسرقة وفساد أخلاقى ودينى ، وظل هذا الوضع إلى الأن بعدما باركت أمريكا
والغرب كله حكم العسكر من بدايته إلى مبارك ، والذى يتضح من من هذا الوضع أن الغرب
جاء بحكم ديكتاتورى بقيادة العسكر وذلك كخيار تكتيكى ، وكان عندها فى نفس الوقت
خيار إستراتيجى وهو ما يسمى الأن بالفوضى الخلاقة والتى بلا شك ستأتى بمن يتفق مع
رؤية أمريكا .
وعند هذه النقطة نرجع الى التسأول المطروح أنفاً
ما هى العلاقة بين حزب الدستور والفوضى الخلاقة ؟
من المسلم به أنه لا يمكن أن تأتى الفوضى الخلاقة
بأنصار المشروع الإسلامى فى الحكم أو من يسموا بالإسلاميين ، وأيضا مما لا شك فيه
أن الإدارة الأمريكية فى سبيلها لعمل تلك الفوضى تعلم أن الإسلاميين هم المسيطرين
على تلك البلاد .
ولما كان ذلك أمراً متوقعاً وهو وصول الإسلاميين
إلى الحكم فى ظل إنتخابات نزيهة ، فكان ولابد من وجود خطة لإفشال المشروع الإسلامى
فى نظر المسلمين ، وإظهار هؤلاء بأنهم ضعفاء لا يستطيعون على تلبية حاجات الناس
الحالية والمستقبلية .
ومن ثم بعد إسقاطهم يأتى من يتوافقون مع أمريكا
فى رؤيتها للعالم العربى الجديد والذين ذكرهم معهد راند التابع لوزارة الدفاع
الأمريكية وهم ( العلمانين ، الليبرالين أو الشباب المعتدل ، الصوفيين )
وأخيراً ذكر الدكتور البرادعى أن حزب الدستور هو
من سيحكم مصر بعد أربع سنوات ، وأنه حزب جاء ليعدل مسار الثورة الذى إنحرف ويحقق
العدل والمساواة وحرية التعبير .
ولعل ما نسيت ذكره أن أمريكا تريد عالم عربى جديد
يحقق العدالة والمساواة وحرية التعبير ، فى مقابل حماية مصلحة أمريكا فى المنطقة ،
وحمايتها من الذين يرهقونها فى العالم وهم السلفيين الجهاديين متمثلاً فى تنظيم
القاعدة وهى فى تحقيق ذلك قد تسمح بالتعامل مع السلفيين غير الجهاديين والإخوان
المسلمين والمداخلة مثلاً .
فهل هناك وقت للسماح للاسلاميين بالوصول الى
السلطة أم أن الوقت قد حان لحصول أصدقاء أمريكا السابق ذكرهم بالوصول الى السلطة .
وهل حزب الدستور بقيادة الدكتور البرادعى أثر هذه
الفوضى الخلاقة ؟
هذا ما ستثبته الأيام والله المستعان وإلى الله
المصير .
0 التعليقات:
إرسال تعليق